پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج10-ص36

العاشر:لا يثبت الهلال بشهادة النساء لا منفردات ولا منضمات وفي الأخبار وكلام الأصحاب ما يقضي بذلك نعم لو بلغ كلامهن الشياع كان حكم الشياع جارياً عليه ولا يثبت بالجدول وهو الحساب المعروف للمنجمين لخطئه غالباً وللنهي عن الأخذ بالتظني وبغير الرؤية وعدد الثلاثين وبشهادة الشاهدين في الهلال وللنهي عن تصديق الكاهن والمنجم في الأخبار لأن أهل التنجيم لا يثبتون أول الشهر بمعنى رؤية الهلال بل بمعنى تأخر القمر عن مجازات الشمس ليرتبون عليه للطالب التنجيمية ويعترفون بأن الهلال قد لا يمكن رؤيته وجوز بعضهم الركون إلى الجدول تمسكاً بقوله تعالى: [وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ]سورة النحل آية (16 ) ، وهو شاذ والمستند لا يدل على المطلوب وإنما يدل على حصول الاهتداء برؤية النجم وأين هذا من ذلك ولا يثبت الهلال بعد شعبان ناقصاً أبداً أو شهر رمضان تاماً أبداً لفتوى المشهور بل المتفق عليه ما عد الشاذ منا وللأخبار الحاصرة لثبوت الهلال في أشياء مخصوصة وللأخبار الصحيحة الصريحة الدالة على أن شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور وهي كثيرة معمول عليها بين المسلمين ومنقول عليها إجماع إلا مامية فلا تعارضها الأخبار الدالة على أن شهر رمضان لا ينقص أبداً وأن شعبان لا يتم أبداً وأن رسول الله (() ما صام إلا ثلاثين يوماً وأنهم كذبوا على رسول الله (() أنه صام تسعة وعشرين يوماً وأن شهر رمضان لم ينقص عن الثلاثين منذ خلق الله السماوات والأرض وأن الشهر بعد شهر رمضان شهر ناقص وشهر تام إلى دور السنة لضعف هذه الأخبار بمخالفتها فتوى الأخبار وضرورة الاعتبار لأن نرى النقصان بالبديهة وأن كان مدار الشهور على الأهلة ومخالفة لضرورة الحكم الشرعي إن كان مدار شهر رمضان عدة ثلاثين وأخذ يوماً من آخر شعبان له أن رأى ناقصاً ومخالفته لما ورد من صوم يوم الشك منه شعبان لا من رمضان من غير فرق بين نقيصة شعبان وتمامه فلا بد من طرحها أو تأويلها أو حملها على التقية وإن كانت الفتوى بها مخالفة للعامة لجواز التقية باطنها الخلاف بالأحكام والتخالف في مسائل الحلال وقال بعض الأعلام لا يجوز الأخذ بهذه الأخبار لأن متنها لا يوجد في الأصول المصنفة وإنما يوجد في الشواذ ولأن كثير منها منقول عن حذيفة بن منصور وكتاب حذيفة عري عنها ولو كانت صحيحة لضمنها كتابه ولأنها مضطربة الألفاظ والمعاني تروي بواسطة وبلا واسطة عن راو واحد ولأنها أخبار أحاد فلا يجوز الاعتراض بها على ظاهر الكتاب والأخبار المتواترة ولأنها تضمنت تعاليل شتى عن أنها ليست عن أما هدى كالتعليق بتمام ذي العقدة بقوله تعالى: [ وَإِذْ وَاعَدْنَا موسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ] سورة البقرة آية (51)، ضرورة كونه تاماً وقت الوعد لا يلزم منه أنه يتم أبداً مع أنه قد ورد أن ذي القعدة أكثر الشهور نقصاناً وكالتعليل باختزال الستة أيام في السنة لتمام رمضان ونقصان شعبان فإنه لا يمنع من إتفاق النقصان في شهرين أو ثلاثة متوالية ولا يلزم منه ذلك وكالتعليل لتمام شهر رمضان بأن الفرائض لا تكون ناقصة فإن كون الشهر تسعة وعشرين لا ينقص الفريضة وكالتعليل لتمام شهر رمضان بقوله تعالى: [ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ] سورة البقرة آية (185 ) ، فإن نقصان الشهر لا يوجب نقصان العدة في الفرض مع أن الأمر بإكمال العدة إنما ورد في قضاء شهر رمضان فيلزم على القاضي اتمام عقدة ما فات منه ليتم عدة ذلك شهراً ناقصاً أو تاماً انتهى ملخصاً معنى وهو جيد وجيه وكذا لا يثبت الهلال بغيبوبته بعد الشفق بمعنى أن يجب كذلك دليل على ثبوته قبل تلك الليلة بليلة ولا برواية ظل الرأس فيه بمعنى أنه إذا رأى فيه ظل الرأس يتبين أنه لثلاث ليال ولا بالتطوق بمعنى أنه إذا كان متطوقاً دل على سبقه بليلة لما ورد من الأخبار الدالة على أن الهلال إذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين وأن الهلال إذا تطوق فهو لليلتين وإذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث ليال ضعف هذه الأخبار وشذوذها وقلة العامل بها ومخالفتها الأصول والقواعد والأخبار المتكثرة الدالة على أن الاعتبار بالشهر أما بالرؤية أو العد أو البينة وأن يوم الشك لا يقضي إلا ببينة دالة على رؤية الهلال قبلة وبعض أصحابنا حمل هذه الأخبار على صورة ما إذا كانت في السماء علة دون ما إذا كانت السماء صاحية ولم يره أحد وهو أيضاً محمل بعيد لا تساعد الأخبار ولا فتوى الأخيار وكذا لا يثبت الهلال بعد خمسة من هلال السنة الماضية واثباته في الليلة الخامسة سواء كان في صحو أو في غيم لورود بعض الأخبار بذلك مطلقاً وأنه بعد خمسة أيام وبصيام اليوم الخامس وبعضها فيما إذا أطبقت السماء بغيم وشبهه وهذه الأخبار ضعيفة لعدم العامل بها ولنقل اتفاق الأصحاب على خلافها وإعراضهم عنها فالإعراض عنها أجمل وحملها على الاحتياط في الصوم إذا كانت في السماء علة لا نقول به لمعارضته الأخبار الخاصة للصوم في الرؤية وعد الثلاثين أو البينة والأخبار الناهية عن صوم يوم الشك بنية أنه من رمضان فالاحتياط حينئذٍ بخلافها، نعم لو صيم بنية أنه من شعبان فلا بأس به، وربما حملت على ذلك الأخبار ولا يثبت الشهر أيضاً برؤية الهلال قبل الزوال سواء في ذلك رمضان وغيره وفاقاً للمشهور والأخبار الخاصة لدخول الشهر في الرؤية أو العد أو البينة والجميع ظاهر في أن رؤيته دليل على كون الليلة المستقبلة من الشهر مطلقاً لا الماضية سواء كانت رؤيته قبل الزوال أو بعده وللإجماع المنقول ولفتوى الفحول وللصحيح إذا رأيتم الهلال فأفطروا وإن لم تروا الهلال إلا من وسط النهار وآخره فأتموا الصيام إلى الليل والوسط ظاهر فيما قبل الزوال بيسر وما بعده بيسير وفي الموثق وإذا رأيته وسط النهار فأتم صومه إلى الليل وفي آخر من رأى هلال شوال بنهار في رمضان فليتم صيامه وفي آخر وربما غم علينا هلال شهر رمضان فنرى من الغد الهلال قبل الزوال وربما رأيناه بعد الزوال فترى أن نفطر قبل الزوال أم لا وكيف تأمر في ذلك فكتب ((): (تتم إلى الليل فإنه إن كان تاماً رؤى قبل الزوال وظاهر أن المراد بالهلال في شهر رمضان هلال شوال كما يدل عليه السياق وقفة به نسخة الاستبصار والمراد إتمام الصوم ندباً بنية أنه من شعبان على نسخة التهذيب المجردة عن الألف واللام وفي آخر وأتموا الصوم إلى الليل يعني صوم رمضان، فمن رأى الهلال في النهار فليتم صيامه وذهب جمع من أصحابنا إلى اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال في كونه الليلة الماضية مطلقاً ونقل عن المرتضى أنه قال: أنه مذهبنا، واستدلوا عليه بما ورد من أن الصوم للرؤية والإفطار لها لشموله رؤيته نهاراً قبل الزوال وبأن المعذور له تجديد النية قبل الزوال فعليه الصوم إذا رأى الهلال قبل الزوال وبما روي في الحسن إذا رؤي الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية وإن روي بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة وفي الموثق إذا رؤى الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال وإذا روي بعد الزوال فهو من شهر رمضان وبمخالفة هذا القول للعامة والرشد في خلافهم وبضعف الأخبار المستدل بها على القول المشهور دلالة ومتناً وأما الخبر الأول فلأن الوسط مراد به من الزوال فما فوق ولا أقل من الاحتمال فيقوم الإجمال وكذا الثاني والثالث محمول على ذلك حمل المطلق على المقيد والرابع ضعيف بالمكاتبة وباختلاف النسختين وعلى نسخة التهذيب تكون شاهدة على العكس والخامس ضعيف السند والجميع ضعيف بموافقة العامة هذا غاية ما يستدل به لأهل هذا القول وفي جميع هذه الأدلة نظر للشك في شمول ما دل على أن الصوم للرؤية نهاراً قبل الزوال بل المتبادر منه رؤيته بعد الزوال لليلة المستقبلة أو قبلة حينئذٍ وبعده لها لا للماضية ولضعف ظاهر لإجماع المرتضى بمصير الأكثر إلى خلافه ولعدم لزوم جواز تحديد النية للصائم قبل الزوال لوجوب الصوم عند رؤية الهلال قبله ولعدم قابلية الروايتين لمعارضة ما قدمنا من الأدلة المؤيدة بما ذكرنا كي نحكم عليها فتخصص تلك الأخبار لأن من شرائط التخصيص المقاومة وليست فليس ولأن مخالفة العامة مرجح من المرجحات فلا تقوى على باقي المرجحات ولأن ضعف الروايات سنداً ومتناً واضطراباً مجبوراً بأقوى المرجحات وهو الشهرة والإجماعات المنقولة وعمل الطائفة وموافقته للقرآن والأخبار المتواترة كما ذكره الشيخ والأصول والضوابط فظهر من جميع ما ذكرنا أن القول الأول أقوى وإن كان الثاني لا يخلو من قوة، والعلامة فصل بين هلال رمضان فخبره المرتضى وبين هلال شوال فالمشهور احتياطاً للصوم في المقامين والاحتياط لا بأس به ولكن تعيينه خال من الدليل.

الثانية:المحبوس والأسير يتوخى شهراً يغلب على ظنه أنه شهر رمضان فيصومه فإن استمر به الاشتباه أجزأه وإن علم بعد ذلك اتفاقه مع شهر رمضان أو تأخره عنه أجزأه أيضاً وإلا لم يجزه ونقل على هذه الأحكام الإجماع ودلت عليها صحيحة عبد الرحمن في رجل أسرته الروم ولم يصم شهر رمضان ولم يدر أي شهر هو أيتوخاه ويحسب فإن كان الشهر الذي صام قبل شهر رمضان لم يجزه وإن كان بعده أجزه وآخر في رجل أسرته الروم واشتبهت عليه الأشهر يتحرى شهراً فيصومه ومتى خرج أو تمكن من السؤال أفطر فإن كان الذي صامه قبل شهر رمضان لم يجزه وإن كان هو فقد أجزأه والظاهر أن من لم يغلب على ظنه شهراً خاصاً تخير شهراً فصامه ويعتبر بعد ذلك ما يعتبر في المتوخى ولا يبعد أجراء حكم شهر رمضان على الشهر المتوخى فيه من وجوب متابعته ووجوب قضائه وكفارة الإفطار يوم فيه وعيد فطر وفطر وإكماله ثلاثين إذا لم يرَ الهلال بعد الصوم والأحوط فعل ذلك في الشهر المنجبر فيه أيضاً إذا اختار شهراً فصامه أيضاً، والظاهر أن المراد بالقبلية والبعدية بالنسبة إلى شهر رمضان تلك السنة فشعبان من سنة إحدى وتسعين متأخراً عن شهر رمضان من سنة تسعين وشوال من سنة تسعين متقدم على شهر رمضان سنة إحدى وتسعين والمراد بالمطابقة الاتفاق في الأيام فلو ظهر الشهر الذي صامه شوال إلا وكان ناقصاً وكان شهر رمضان تاماً وجب عليه قضاء يومي العيد والناقص وهكذا أو الظاهر إلحاق كل ممنوع عن معرفة الشهور بذلك الحكم ولو لنسيان وعدم الرشد لذلك أو لغباوة أو لبعد أو لظلمة في بحر والظاهر أن المتوخى لا يجب عليه الفحص والسؤال بعد صومه لأن الأمر قاض بالإجزاء، نعم لو علم بعد ذلك حال الشهر عليه جرت عليه الأحكام المتقدمة ولا يبعد إلحاق المخير في صومه به فلا يجب الفحص بعد صومه ولكن الفحص أحوط ولو أفطر المحرم لمخير في صوم شهر فصامه عمداً وجب عليه إتمامه على الأظهر وكفر على الأحوط وقضى يومه ذلك.