انوار الفقاهة-ج10-ص31
جمع من الفحول وضعف رواية ابن عبد الحميد سنداً ودلالة لخلوها عن التفصيل المشهور ولذلك ضعف الحكم بانجبارها بفتوى المشهور وضعف المكاتبة دلالة لاشتمالها على جواز الصوم في المرض إذا نذر الصوم فيه ولا قائل به بل وسند الجهالة المكتوب إليه فيشكل الحكم بذلك إلا أن العمل على فتوى المشهور أولى والأحوط تجنب مثل هذا النذر ويجوز صوم ثلاثة أيام للحاجة عن النبي (() للصحيح وفتوى جملة من الأصحاب ولا يخلو الحكم بذلك عن مناقشة أيضاً إلا أن ينعقد إجماع أو شهرة محصلة على جوازه بحيث يخصص تلك العمومات القوية ولم يثبتا معاً وعلى كل حال فلا يلحق بهما صوم ثلاثة أيام للاعتكاف ولا ثلاثة أيام للحاجة في المشاهد المشرفة والأماكن المعظمة لعدم الدليل على ذلك، نعم لو قلنا بجواز صوم المندوب في السفر كما أفتى به جمع من الأصحاب ووردت به بعض الأخبار لكان القول بذلك متوجهاً ولكنها ضعيفة السند ولا جابر لها من شهره أو غيرها بل ربما يدعى شهرة القدماء على خلافها ومع ذلك موافقة لفتوى العامة فالركون إليها وتخصيص تلك العمومات بها بعيد كل البعد وما ورد في الصحيح عن أبي الحسن ((): (كان أبي يصوم في عرفة في اليوم الحار)، في الموقف لا دليل فيه على أنه صام وهو مسافر سفراً يوجب التقيد بوجه من الوجوه فلعلة كان يتم الحصول ما يوجب الإتمام فظهر مما ذكرنا ضعف ما ذهب إليه المرتضى من جواز الصوم المنذور في السفر وإن لم يقيده الناذر به وما ذهب إليه الصدوقان من جواز صيام جزاء الصيد فيه أيضاً وما ذهب إليه المفيد من جواز صيام الواجب عمداً شهر رمضان لعدم الدليل على ذلك كله والإفطار إنما يسيغ للمقيم والمتوطن والأظهر إلحاق المتردد ثلاثين يوماً بهما بعد الوصول إلى محل الترخص لتقصير الصلاة ولما في غيرها كالمتردد في أثناء المسافة ثم عزم على السفر وكالمفارق سفينته أو عمله أو معصية أو بيادره أو دوابه فالأظهر كفاية الضرب في الأرض والأحوط مراعاة محل الترخص كما أن الأحوط مراعاة الصيام بعد تجاوز مقدار محل الــترخص الراجع إلى أحد أسباب التمام من سفينة أو دابة ونحو ذلك وصوم الداخل إلى محل التمام قبل الزوال إذا لم يتناول شيئاً كصوم الخارج بعد الزوال صحيح جاء به الدليل حيث سوغ الشارع ذلك وبنية تقارن الدخول في البلد ولا تجزي النية الحاصلة منه في السفر على الأظهر.
بحث: الصوم الواجب أقسام:
أحدها: صوم شهر رمضان:
وفيه مسائل:
الأولى:يجب الصوم على من رأى الهلال قطعاً انفرد برؤيته أم لا كان حاد النظر أم لا قبله الحاكم شاهداً أم لا للأخبار والإجماع محصلاً ومنقولاً ورؤيته نهاراً قبل الزوال أو بعده دليل على أن الليلة المستقبلة من شهر رمضان لا الماضية ولا فرق بين من رآه نهاراً أو بين من رآه ليلاً عند الغروب ويجب الصوم على من عد شعبان ثلاثين يوماً إجماعاً أيضاً سواء ثبت هلال شعبان برؤيته أو بينته أو بغيرها مما ثبت الهلال به والنصوص بالعدو بالرؤية مستفيضة جداً ولو غمت المشهور كلها أو أكثرها قيل بأنه بعد كل شهرين ثلاثين لأنه المتيقن والمتفق عليه، قال: (تنقص منها ولكن لم يبين قدر النقص وقيل بالعمل على عد الخمسة من هلال الشهر في العام الماضي كما سيجيء إن شاء الله تعالى لاعتياد النقص على ذلك الوجه وهو قريب ولو غم شهران أو ثلاثة فالأظهر عدها ثلاثين ويجب على من بلغه الهلال تواتر بخبر جمع يستحيل عادة تواطئهم على الكذب وأحاد محقوقة بالقرائن القطعية أو شياعاً قولياً متواتر على الألسنة أو شياعاً عملياً كصوم أو إفطار وشبههما مفيدين للعلم بالهلال ويثبت بغير ذلك مما شأنه إفادة الظن أو لا يثبت مطلقاً أو ثبت في ظنون مخصوصة دون غيرها أقوال وتحقيقها يتوقف على رسم أمور: