پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج10-ص29

السابعة:يعرف البلوغ بالاحتلام وهو خروج المني منه في النوم كما نطق به الكتاب والسنة قال الله تعالى: [يبلُغُوا الْحُلُمَ] سورة النور آية (58 ) ، وقوله ((): رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وغيره في الأخبار الكثيرة ودل عليه الإجماع ولا فرق بين خروجه في النوم أو اليقظة لقوله تعالى: [ حَتَّى إذا بَلَغُوا النِّكَاحَ ] سورة النساء آية (6 ) وللإجماع على عدم الفرق بين المرأة والرجل للإجماع أيضاً ولما بين خروجه من الموضع المعتاد وغيره على الأظهر لكون المني علامة الفحولة فلا يتفاوت بين خروجه من المعتاد وغيره ويعرف بنبات شعر العانة في الرجل والمرآة، للأخبار والإجماع ويعرف نبات اللحية في الرجل على الأظهر وإن كان علامة متأخرة ويعرف بحصول الحيض والنفاس للمرأة للأخبار والإجماع وهما علامتان متأخرتان إلا أنهما موقوفان على العلم العادي أو الشرعي بكون الدم حيضاً أو الواقع حملاً ويعرف بحصول مجموع خواص لا يكون واحد منها في غير البالغ عادة ككثرة شعر البدن في الشارب والإبطين وغلظ الصوت وظهور رائحة الإباط ونتو الثديين وانشقاق طرف الأنف وكثرة الشهوة والميل إلى النكاح وغير ذلك، ويعرف بلوغ المرأة ببلوغها تسع سنين تامة عددية إن وقع فيها الانكسار وإلا فهلالية، وبلوغ الرجل ببلوغه خمسة عشر تامة عددية إن وقع فيها الانكسار وإلا فهلالية، ويدل على الأمرين الأخبار عن الأئمة الأطهار المحددة بخروج الصبي عن اليتم وإدراكه ووجوب إقامة الحدود عليه ببلوغه خمس عشرة سنة ولخروج الصبية عن اليتم بإدراكها وإقامة الحدود عليها ببلوغها تسع سنين وظاهر أن المتبادر من الخمس أو التسع التمام لا مجرد دخولها فيهما وتنجبر الأخبار بفتوى المشهور تحصيلاً والإجماعات نقلاً واستصحاب عدم البلوغ وعدم التكليف وعدم صحة الإيقاعات والعقود ويدل على التسع في الأنثى الأخبار الكثيرة الواردة في النكاح وغيره حتى بلغت التواتر واتفاق الأصحاب عليه وما روى بخلافه شاذ نادر لا يلتفت إليه ويمكن أن يستدل بها على الخمس عشرة في الرجل لعدم القول بالفصل نقلاً وتحصيلاً ويدل على خصوص الخمسة عشر في الرجل صحيحة معاوية بن وهب في كم يؤخذ الصبي بالصيام قال: (ما بينه وبين خمس عشرة سنة أو أربع عشرة سنة فإن هو صام ذلك فدعه)، فإنه ظاهر في أنه يؤخذ إلى الخمس عشرة أو إثباتها تخيراً لغير البالغين ويشعر صدورها بذلك أيضاً لأن فيه في كم يؤاخذ الصبي بالصلاة فقال: ( ما بين سبع وست سنين والترديد بين الخمس عشرة أو الأربع عشرة منزل على مراتب البلوغ لحصول الاحتلام غالباً لمن دخل في الأربع عشرة وقلته قبلها فالخمس عشرة لمن لم يحتلم والأربع عشرة لمن احتلم، واحتمال أن الترديد من الراوي بعيد كل البعد وورد في بعض الأخبار وفيها الصحيح والموثق وغيرهما أن الغلام إذا بلغ ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة وجب عليه ما يجب على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم وأنه إذا بلغ ثلاث عشرة سنة كتب له الحسنة وكتب عليه السيئة وأنه يجري الأحكام على الصيان في ثلاث عشرة وأربع عشرة سنة وإن لم يحتلم وذهب بعض أصحابنا إلى القول بمضمونها قمنهم من جعل البلوغ يتحقق بالثلاثة عشر ومنهم من جعله يتحقق بالأربع عشرة ولكنها لضعفها ولموافقتها لفتوى العلامة ولقلة العامل بها ولمخالفتها الأصول والقواعد والمشهور بين الأصحاب وجب حملها على شدة الندب لحمل من بلغ ذلك الحد على التكليفات الواجبة ونهيه عن ارتكاب المحرمات لقربه من سن البلوغ فيخشى من جذب العادة له على ما اعتاد ولحسن الاحتياط في حقه لغلبه البلوغ لمن تم له ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة وإن لم يتفطن له بل كثير منهم يحتلمون ولا يدركون لجهلهم بالاحتلام وكثير منهم يدركون ويخفون استحياء من ذلك فشدد الشارع الأمر عليهم احتياطاً لذلك وخروجاً عن شبهة ما هنالك ويكون المراد بكتابه السيئة مجاز المشارفة أو كتابتها عليه في الدنيا بمعنى أنه يعزر على فعلها كما أن المراد بعقوبته عقوبته في الدنيا وأما من جمع بين الأخبار بحمل ما جاء في الخمس عشرة على الحدود والمعاملات وما جاء في الأنقص منها على العبادات أو حمل اختلاف الأخبار على اختلاف مراتب البلوغ بالنسبة للذكاء والفطانة وقوة البدن وضعفه أو على اختلاف البلوغ في المقامات المختلفة فمنها ما يكون بالثلاث عشرة، ومنها ما يكون بالأربع عشرة، ومنها ما يكون بالخمس عشرة إلى غير العتق والوصية وشبهها فهو بعيد جداً عن مذاق الأصحاب بل عن إنفاقهم أن البلوغ أمرٌ واحدٌ لا يختلف بحسب المتعلق ومع ذلك فالأحوط إجراء أحكام البالغين على من تم له ثلاث عشرة ودخل في الأربع عشرة وشيد الاحتياط على من تم الأربع عشرة ودخل في الخمس عشرة إلى أن يتمها.

الثامنة:لا يصح الصوم المنهي عنه لتقية أو خوف على نفس أو عرض أو مال ولا الصوم المؤدي إلى ضرر بدني من مرض ابتدائي أو زيادة مرض بعد حصوله أو من استدامته بعد وقوعه أو من تشويه خلق أو من تغيير خلق بحيث يخرج عن حد العقلاء أو من مشقة لا تتحمل لعطش أو ضعف فالمرجع في معرفة ذلك إلى أهل المعرفة من علماء أو مجربين أتحددوا أو تعددوا عدولاً كانوا وفسقه لكن بحيث يحصل الخوف من بقولهم لإفادة قولهم ظناً أولاً فأدته شكاً فإن الشاك فيما يخاف منه ويرجع إلى نفسه إذا كان مميزاً للضار والنافع فإن حصل له الخوف حرم عليه الصوم وإلا فلا وللإنسان على نفسه بصيرة ويدل على جملة هذه الأحكام قوله تعالى: [ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا]… الخ سورة البقرة آية (84) وللصحيح الصائم إذا خاف على عينه من الرمد أفطر وكلما أضر به الصوم فالإفطار له واجب وهو شامل للمريض إذا تضرر والصحيح إذا خاف المرض والضرر تدل عليها أيضاً عمومات نفي الحرج والعسر وإرادة اليسر والموثق الوارد في حد المرض فإن وجد ضعفاً فليفطر وإن وجد قوة فليصم كان المرض ما كان والآخر في حد المرض قال: (بل الإنسان على نفسه بصيرة هو أعلم بما يطيقه)، ولو ارتفع ضرر الصوم قبل الزوال نوى الصوم وصح صومه وفاقاً لفتوى المشهور والإجماع المنقول ولإشعار ما جاءت في جواز تحديد الصوم للمسافر إذا دخل أهله قبل الزوال بذلك وحدوث المرض ولو يجز من النهار مفسد للصوم وشديد الخوف كضعيفه يرجع إلى معتدل المزاج ومستوى القوى الباطنية.