انوار الفقاهة-ج10-ص25
رابعها:من تمضمض فدخل الماء حلقه من غير قصد وكانت مضمضته عبثاً أو تبرداً أو استعانة على حملان العطش وجب عليه القضاء وإن جاز فعله أما وجوب القضاء فيدل عليه فتوى الأصحاب والإجماع المنقول في الباب والأخبار ومنها تدخل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه، قال: (عليه القضاء)، ومنها وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة وأما الجواز فيدل عليه الأصل وفتوى المشهور ومرسل حماد عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم، قال: (ليس عليه شيء إذا لم يتعمد ذلك)، قلت: (فإن تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء)، قال: (ليس عليه شيء)، قلت: (فتمضمض الثالثة)، قال: (قد أساء، ليس عليه شيء ولا قضاء)، وهو ظاهر في أن المراد بقوله: (ما لم يتعمد) تعمد الإدخال في الحلق لا تعمد المضمضة والخبر الآخر والأفضل للصائم أن لا يتمضمض والآخر عن الرجل يتمضمض ويستنشق قال: (نعم)، ولا يعارض ذلك ما ورد في ضعف الأخبار من إيجاب الكفارة على من تمضمض لضعفه عن المقاومة لشذوذه وعدم العامد به وكذا ما يظهر من بعض الأصحاب من تحريم المضمضة للعبث وإيجاب القضاء والكفارة لعدم العثور على دليل وأعلم أن الذي يقتضيه الأصل والقاعدة ههنا عدم الإفطار سبق الماء إلى الحلق لأن المضمضة جائزة ودخول الماء قد وقع سهواً أو اضطراراً وكل منهما لا يوجب إفطار ولا قضاء لأصالة عدمه وعدم ثبوته إلا بأمر جديد وليس فليس ويشعر من ذلك الخبر الخاص أيضاً لظهور الشراب في غير السابق من المضمضة ويدل عليه صريحاً مرسل حماد فعلى ما ذكرنا يختص وجوب القضاء بمن تمضمض عبثاً أو تبرداً فدخل إلى حلقه الماء وأما من تمضمض لصلاة فريضة أو نفلية أو لمجرد الطهارة لأمر آخر وللتداوي لولا النجاسة أو لتنظيف الفم عن الطعام أو الأوساخ أو كان ساهياً في أصل مضمضته أو كان مكرراً عليها فعلى القاعدة لا يجب القضاء عليه، نعم. وقد ورد في الصحيح نفي القضاء عن وضوء الفريضة واثباته لوضوء النافلة فيكون إثباته لغيره بالطريق الأولى وورد أيضاً من تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة فيشمل كل مضمضة ما عدا ما تكون للفريضة وورد أيضاً من تمضمض عليه القضاء إلا أن يكون لوضوء فلا بأس والجمع بين هذه الأخبار يقضي بثبوت القضاء في غير وضوء الفريضة لما دل على نفي البأس عن مضمضة الوضوء على وضوء الفريضة جمعاً بين المطلق والمقيد لأن إثباته في وضوء النافلة يقضي بالأولوية في ثبوته بمطلق الوضوء ما عدا وضوء الفريضة وحينئذٍ الأمر يدور بين الأخذ بهذه الأخبار فيحكم بثبوت القضاء فيما عدا ما يكون للفرد وبين الأخذ بالأصل والقاعدة وظاهر كلام كثير من الأصحاب والإجماع المنقول على عدم لزوم القضـــاء على من تمضمض للصلاة مطلقاً نفلاً أو فرضاً وحمل مــــــا دل على القضاء في وضوء النافلة على الندب والترجح للأخير على الأظهر لحصول الوهن للروايات المفصلة بالإجماع المنقول وبفتوى المشهور بخلافها وإعراض جل الأصحاب عنها والأقوى عدم إلحاق الاستنشاق في الحكم المذكورة بالمضمضة لعدم النص عليه، الأخبار فيبقى على القاعدة من عدم إيجاب القضاء على من سبق الماء إلى حلقه منه، نعم لو قصد أيضاً إلى الحلق فالأحوط القضاء والكفارة كما أن الأحوط إجراء حكم المضمضة عليه للإجماع المنقول في الغنية على اتحادهما في الحكم وكذا الأحوط للصائم القضاء والتقطير في الآذان والعين به والأظهر إلحاق الفريضة المعادة والاحتياطية والمنذورة بالفريضة الأصلية وما قصد للفريضة والنافلة يغلب عليه حكم الفريضة.
بحث: قضاء الصوم احتياطاً:
الأحوط للصائم القضاء بأمور:
منها:ما تقدم في صحة المباحث السابقة.ومنها:من لمس أو قبل أو لاعب وأمنى وكان واثقاً من نفسه فإن الأحوط القضاء تغضياً عن شبهة الإطلاق ممنوع فتوى ورواية.ومنها:من نظر أو استمع أو تخيل فأمنى وكان واثقاً من نفسه فالأحوط له القضاء سيما لو كان المتعلق عرفاً للخروج عن شبهة الكلام.ومنها:من أدخل شيئاً في فمه فابتلعه سهواً أو غفلةً فالأحوط القضاء ولإشعار روايات المضمضة.ومنها:لو ابتلع شيئاً من ما بين أسنانه سهواً فالأحوط القضاء لتفريطه في التخليل.ومنها:صب الدواء في الاحليل حتى يصل إلى الجوف بل لو صب المائع إلى الجوف من المنافذ الخلقية عدا الفم، بل وغير الخلقية من طعنة وجرح وغيرهما، بل وغير المائع فالأحوط القضاء خروجاً عن شبهة من جعل التقطير دائر مدار الإيصال إلى الجوف.ومنها:لو ابتلع النخامة النازلة من الرأس بعد وصولها إلى الفم فالأحوط القضاء خروجاً عن شبهة من أوجب الإفطار بها مطلقاً أو بعد وصولها إلى الفم أو خصوص الثانية دون الأولى بل الأحوط الكفارة، بل كفارة الجمع لشبهة أنه إفطار على محرم.ومنها:لو ابتلع الريق إذا كان فيه طعم من علك وشبهه فالأحوط فيه القضاء خروجاً عن شبه من أوجب التفطير به ومن بعض الأخبار الناهية عن مضغ العلك للصائم وحملها على الكراهة وإن كان هو الأقوى لمعارضتها للأخبار المجوزة وفتوى المشهور من الأصحاب، إلا أن الاحتياط أجمل.ومنها:السقوط الواصل إلى الدماغ وإن لم يصل إلى الحلق فالأحوط فيه القضاء وللخروج عن شبهة من أوجب القضاء والكفارة استناداً إلى أن الدماغ جوف وكل ما وصل إلى الجوف مفطر وإلى بعض الروايات الدالة على كراهته والمقدمتان الأوليتان ممنوعتان والروايات محمولة على الكراهة بل هي صريحة فيها لورودها بلفظ يكره ولأعراض الأصحاب عن الحكم بالمنع منه ولكن الاحتياط أجمل.