پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج10-ص9

رابعها:الإرتماس عمداً للرأس فقط أو لكل البدن معه دون ابعاضه الباقية عن الرأس في زمن واحد دون أزمنة متعاقبة في الماء المطلق ويقوي إلحاق المضاف دون سائر المائعات وهو محرم على الصائم للأخبار الناهية عنه المنجبرة بفتوى الفحول والإجماع المنقول والاحتياط فلا يعارضها ما دل على الكراهة لضعفه سنداً ودلالة فلابد من طرحه أو حمله على التقية وهو مفسد للصوم لأن النهي عن فعل في العبادة يقضي بالمانعية والإفساد كما هو المعروف من استقراء الأخبار وكلام الأخيار فيفهم حينئذٍ من النواهي أن التحريم لمكان الإفساد لا للتعبد أو لغرض آخر فليس للارتماس خصوصية في التحريم غير أنه مفطر كسائر المفطرات فيضمن النهي معنى الإرشاد إلى المانعية وإلى تحريمه لأنه مبطل للصوم ويدل على إبطاله للصوم أصالة مانعية ما يشك في مانعيته، ورواية الخصال والفقه الرضوي الدالين على أنه مفطر المجبورتين بفتوى المشهور نقلاً وتحصيلاً وبالإجماع المنقول عن لسان الفحول وبمفهوم الصحيح لا يضر الصائم إذا اجتنب أربعاً وعدّ منها الارتماس والمتبادر من ثبوت الضرر بمفهومه هو إفساد الصوم لا مجرد التحريم سيما مع تعليقه على وصف الصائم المشعر بالعلية ولا يعارض ما ذكرنا ما ورد من نفي القضاء عن المرتمس لضعفه عن المقاومة فلابد من حمله على ارتماس البدن عدا الرأس أو حمله على التقية وبما ذكرنا فظهر ضعف مذهب من ذهب إلى كراهة أو ذهب إلى التحريم دون الإفطار نعم بعد الحكم بالتحريم والإفساد فهل يوجب القضاء فقط أوهو مع الكفارة قولان أقواهما الثاني كما سيأتي إن شاء الله ويراد بالرأس العرفي والرقبة ليست منه لأن دخوله فيه في الغسل إنما جاء من قرينة التثليث وليس المنع منه من جهة الاحتراز من دخول الماء في المنافذ لإطلاق الفتوى والرواية فلو سد المنافذ وأدخل الرأس جرى عليه حكم الإرتماس ولو أدخل رأسه أو كله في ظرف فصار في الماء فإن كان واسعاً لم يصدق عليه الارتماس عرفاً ولم يضر وإن كان ضيقاً متصلاً بالبدن فالأحوط إجراء حكم الارتماس عليه واستدامة الارتماس كابتدائه مفسدة ومن نسى فارتمس صح غسله وصومه ومن تعمد فسد المكان النهي إلا إذا نوى للغسل بإخراج نفسه من الماء إذا تحقق الغسل بذلك والمرتمس جاهلاً بحكم الارتماس يفسد صومه وهل يفسد غسله وجهان ولا يبعد عدم إفساده ولو ارتمس في مغصوب عالماً بالغصب ناسياً للصوم فسد الغسل دون الصوم ولو ارتمس في صوم نافلة بطل صومه ولا إثم لأن النهي عن الارتماس لمكان إفساد الصوم والأحوط في المندوب ترك الإفطار به.

خامسها: إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق وهو أقصى الفم سواء ابتلعه حتى دخل إلى المعدة أم لا والمراد بإيصاله إدخاله عمداً عند حصوله بحيث لا ينو إقامته أو عمل ما يبعث على دخوله من كنس أو نسف أو حفر أو غير ذلك من دون توقي منه والمراد بالغليظ ما أطلق عليه الغلظ عرفاً سواء كان من تراب أو من دقيق أو من نورة أو جص أو غير ذلك ولما كان الحكم بالتفطير هاهنا على خلاف ما جرت عليه السيرة ودل عليه نفي العسر والحرج ونطقت به الصحيحة من حصر المفطرات في أربع وما دل على نفي البأس عن دخول الغبار في حلق الصائم في الموثق وما دل على عدم الإفطار بدخول الذباب في حلق الصائم لأنه ليس بطعام وجب الاقتصار على ما أفتى به المشهور ونقل عليه الإجماع من الغبار الغليظ دون الخفيف والرواية وإن كانت مطلقة لكنها يجب تقييدها بما ذكرنا كما أفتى به جملة من الأصحاب ويؤيده أيضاً التحرز عن الخفيف ووجب الاقتصار على ما يسمى غباراً دون ما يسمى دخاناً أو بخاراً وإن كان بجذب كما يستعمل الآن في شرب دخان التنباك وعلى ما يكون بعمل اختياري من فعل أو انفعال دون ما يحدثه الهواء لنفسه ولم يكن متناولاً له بفمه ولابد فيه من حصول العلم بدخوله إلى الحلق وهو ما بعد الفم ولا يتوقف على إيصاله إلى المعدة لأن الظاهر من كثير من الأخبار وكلام الأخيار أن المفطرات يدور أمرها مدار الوصول إلى الجوف ومدار الابتلاع ومدار الازدراء ولا يتوقف الإفطار بها على وصولها إلى المعدة في الأكل والأحوط أن إيصال الغبار الغليظ من الأنف بمنزلة إيصاله من الفم لإطلاق الرواية.