انوار الفقاهة-ج8-ص203
بحث:من صلى موضع التمام قصراً أو موضع القصر تماماً عامداً أعاد بلا خلاف لمخالفة المأمور به فلا يجزي إذا أتمها كذلك قصراً أو تماماً ولو لم يتمها كذلك فهل تبطل من ابتداء النية لأنهما نوعان متغايران فيتعلق بهما النهي ابتداء أو لا تبطل لعدم تنويعها الفعل المنوي فتقع النية لغواً وجهان أقواهما الأول وإن قلنا بعدم وجوب التعيين فيهما وجواز العدول من أحدهما إلى الآخر في مقام التخيير فكذلك إذ لا ملازمة بينهما هذا إذا لم ينو الامتثال بالقصر ابتداء ولو نوى ما أمره به الشارع وقعت نية القصر لاغية ومن صلى كذلك ناسياً فبان القصر في موضع التمام أعاد وكذلك إن أتمها قصر لا مجرد النية على الأظهر وإن كان العكس أعاد في الوقت دون خارجه وفاقاً للمشهور والإجماع المنقول وإطلاق الروايات حتى ادعى تواترها ففي الصحيح عمن أتم في السفر قال:(إن كان في وقت فليعد وإن كان الوقت قد مضى فلا) لخروج العامد بالإجماع والجاهل بما يأتي إن شاء الله تعالى وقيل بعيد مطلقاً استناداً للصحيح صليت الظهر أربع ركعات وأنا في السفر قال:(أعد) وهو ضعيف لشذوذه وقرب حمله على العامد أو على بقاء الوقت بقرينة قوله أعد وقيل بعيد إن ذكر في يومه وإلا فلا استناد للخبر المتقدم المحتمل حمله وحمل هذا القول على إرادة الإعادة في الوقت كما ذكرناه ولا يتفاوت الحال في القول بالبطلان والإعادة في الوقت بين القول بالبطلان بزيادة ركعة في المكتوبة نسياناً لمن جلس قدر التشهد وبين القول بالصحة كما اختاره جماعة لبعض الأخبار ولاستحباب التسليم أو خروجه وذلك لتغاير المسألتين لأن المسألة هنا فرضها فيمن عقد الصلاة تماماً ناسياً من أول وهلة فأتم وهنالك فيمن عقدها على الوجه المطلوب فنسي وزاد ومن صلى كذلك جاهلاً مطلقاً بأحكام التقصير أو الإتمام أو عارفاً بها في الجملة جاهلاً بخصوصياتها فإن كان قد قصر في موضع الإتمام بطلت صلاته وأعاد مطلقاً للأصل والمشهور بل المتفق عليه من يعتد بقوله وقيل بالإجزاء حتى في تقصير غير ما يشرع فيه القصر للموثق عن امرأة كانت معنا في السفر وكانت تصلي المغرب ركعتين ذاهبة وجائية قال:(ليس عليها قضاء أو ليس عليها إعادة)ولصحيحة منصور الدالة على أن المقصر بعد نية الإقامة لا شيء عليه إذا كان جاهلاً حتى إن الشيخ نجيب الدين في الجامع أفتى بمضمونها وهو ضعيف لشذوذ مضمونه الأول وإعراض الأصحاب عنه وندرة القائل بالثاني وإن كان قد اتم في موضع القصر فإن لم يعرف حكم التقصير مطلقاً ولم تقرأ عليه آية القصر صحت صلاته وصح صومه للأخبار وكلام جل الأصحاب سواء قلنا أن الصحة موافقة للأمر أو إسقاط القضاء أما على الأخير فلا أشكال للرواية والفتوى وأما على الأول فلا بد أن يراد بالأمر الأمر الصوري لا الواقعي ولو أريد الأمر الواقعي كانت فاسدة على رأي المتكلمين صحيحة على رأي الفقهاء ولا بأس بإجزاء غير مأمور به للدليل ولو ذكر في ركوع الثالثة وعلم بعد أن كان جاهلاً فالأحوط الإتمام والإعادة وإن كان الجهل بجزئيات أحكام القصر فالأقوى وجوب الإعادة في الوقت وأما في خارجه فلا يبعد عدم وجوب الإعادة إلحاقاً له بالناسي ولاحتياج القضاء إلى أمر جديد والأحوط الإعادة أيضاً وذهب العماني إلى وجوب الإعادة مطلقاً استناداً للأصل ولعموم رواية الخصال ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته لأنه قد زاد في فرض الله عز وجل وعموم الصحيح المتقدم وهو ضعيف للزوم تخصيص الأخبار والعموم بما قدمناه من قاعدة الجمع كضعف ما ذهب إليه الإسكافي والحلبي من لزوم في الوقت دون خارجه استناداً إلى الأخبار المتقدمة الفارقة بين الوقت وخارجه وفيه إنما دل على حكم الجاهل أخص مطلقاً فيخص به تلك الروايات لأن لفظ الإعادة فيه ظاهر بالإعادة في الوقت دون خارجه والأمر في الروايات أعم من الجاهل وغيره فتكون الروايات مخصصة به ولو قلنا بشمول الإعادة لها وإن ما بين الروايات عموم من وجه فالواجب تخصيص المقابلة لما دل على حكم الجاهل به لقوته بفتوى المشهور وعمل الجمهور وأما ناسي الحكم فيمكن إلحاقه بجاهل الحكم ويمكن إلحاقه بناسي الموضوع فإن كان موضوعاً شرعياً وقد عرف حكم التقصير والإتمام في الجملة فعليه الإعادة وإلا فلا إعادة عليه وإن كان موضوعاً عرفياً كالجهل بكون هذه مسافة فأتم أو جهل مقدار الثلاثة أو مقدار الإقامة أو كونها بلدة واحدة أو كون السفر عملاً أو كونه عاصياً لشبهة أو اشتباه فأتم في مقام التقصير فلا يبعد لزوم الإعادة إلا فيمن جهل قدر المسافة فأتم فتبين له بعد ذلك أنها مسافة فلا يبعد عدم لزوم الإعادة لعدم قصد المسافة ويمكن إلحاق الجميع بالناسي فيعيد في الوقت وخارجه أما لو قصر في موضع الإتمام أعاد مطلقاً في جميع ما قدمناه.