انوار الفقاهة-ج8-ص192
بحث:الأمر في القصر يدور مدار القصد كما تقدم فلو قطع مسافات من غير قصد لم يؤثر في التقصير أثر ولو قصد مسافة قصر وإن لم يقطعها لعروض عارض سماوي أو أرضي أو شرعي ومن جملة قصد العدول عن قصد المسافة في أثنائها قبل بلوغها أو عدم استمرار قصده كأن تردد قبل ذلك للأخبار المتكثرة والإجماعات المنقولة وظاهر الاتفاق واشتمال الأخبار هنا على ما لا نقول به من إيجاب قضاء الصلاة تماماً وتحديد المسافة بفرسخين وإيجاب التقصير في أربعة مطلقاً لا يضر في الاستدلال بعد انجبار مورده بفتوى المشهور وعمل الجمهور فليطرح مكان الخلاف أو يؤول ولا يجب عليه قضاء ما فعله قصراً لحصول الامتثال ولبعض الأخبار كالصحيح (تمت صلاته ولا يعيد) المعتضدة بفتوى المشهور وعمل الجمهور فيحمل ما دل على وجوب الإتمام بعد ذلك إعادة أو قضاء مطرح محمول على الاستحباب أو على التقية ولا يبعد الوسط والفرق بين خروج الوقت فلا إعادة وبقاؤه فالإعادة جمعاً بين الأخبار وليس بأولى مما ذكرنا مع مخالفته للمشهور وندرة القائل به ولو عدل من مقصده إلى مقصد آخر بحيث يبلغ الثاني على ما مضى المسافة بقي على التقصير لكفاية قصد المسافة الكلية كما يظهر من عموم الأخبار ولا عبرة بالشخصية كما تخيله بعض الأصحاب ومن قصد الثمانية الامتدادية فرجع قصده إلى الثمانية الملفقة عاد حكمه إلى التخيير ومن قصد مكاناً معيناً لا يعلم قدره لا يجب عليه الاختيار بل يتم صلاته لأصل عدم بلوغ المسافة وبقاء التمام فلو انكشف أنه مسافة بعد ذلك لا يقضي ما فعله ولا يعيد لحصول الامتثال وفي الأخبار ما يشير إليه بالفحوى نعم لو انكشف في أثناء الصلاة عدل إلى القصر ما دام محل العدول باقياً وإلا مضى ولو كان في الثالثة مضى والأحوط الإعادة والقضاء في هذه الصورة بل الأحوط الإعادة مطلقاً والقضاء مطلقاً لانكشاف أن فرضه في الواقع هو القصر لقصده المسافة ضمناً بقصد المكان المعين واستناد الجهل إلى التقصير بعدم الاختيار إنما نشأ منا والأمور معلقة بالأمور الواقعية وأعلى إن العادل عن قصده لو رجع إليه عزمه على السفر قصر إن بلغ ما مضى وما بقي منه مسافة ولا يلغي هاهنا اعتبار الماضي كما ألغيناه فيمن لا قصد له حيث منعنا التلفيق هنا لأن الرواية في قوله (():(فإذا مضوا فليقصروا) والقاعدة وكلام كلها مشعرة بالتلفيق والضم دون ما تقدم.
بحث:الخادم والزوجة والعبد والرفيق التابع وكل من بنى على التبعية للغير إن عرف قصد المتبوع فقصده فلا إشكال وإن عرف قصده فتردد في التابعية أو عزم على عدمها ولو حراماً ولو علق تبعيته على أمر مشكوك حصوله من إعطاء درهم أو دينار أو علق رجوعه على حصول أمر متوقع من طلاق زوجة أو عتق العبد أو فك الأسير لم يكن قاطعاً مسافة وإن لم يعرف قصد متبوعة فقرن قصده بقصده فسار معه أتم أيضاً ولا يتم تحت مناه قصد المسافة نعم لو عرف قصد المتبوع لم يكن من عزمه فسخها والتردد فيها بل كانت محبوبة له ومحتملة له على بعد لم ينافي ذلك قصد المسافة والمكره إن بلغ حد الإلجاء بحيث كان مسلوب القصد والشعور كان كالمجنون والسكران والساهي والغافل حيث يجب عليهم التمام وإلا كانت التبعية تقية وجب القصر عند قصد المسافة لأن حركاته اختيارية وقصد معتبر والدليل على اعتبار القصد التابعي شمول الأدلة له كالقصد الأصلي وخصوص بعض الروايات أيضاً والسيرة قاضية به ايضاً والجنون والغفلة والنسيان في أثناء المسافة بعد قصدها لا يخل استصحاباً لحكمها وغاية ما خرج بالدليل انتقاضها بالعدول عنها بخلاف الابتداء فإن هذه كلها مضادة لقصد المسافة ولا يقوى القول بإقامة قصد الولي مقام قصد المولى عليه في المسافة ابتداء واستدامة للسيرة الدالة على ذلك فلو أفاق المجنون أو بلغ الصبي أو ميز وهو بأثناء السفر قصر وإن لم يبق لهما إلى القصد مسافة والأحوط الجمع ومنتظر الرفقة إن اطمأن باللحوق قصر وإلا أتم ومن علم أنه يجز في الأثناء ولا يعلم حاله بعد ذلك يقصر والأحوط الجمع وكذا من علم أنه يموت ويقوى للمقصر حينئذ لو علم أنهم يحملونه إلى تمام المسافة أما لو علم أنهم يرجعون به فلا إشكال بوجوب التمام.