انوار الفقاهة-ج8-ص191
بحث:لو بقي سائراً في المسافة قدر سنة أو أزيد بحيث خرج عن اسم المسافر عرفاً فلا يبعد الإتمام والأحوط التقصير ومسافة البحر كمسافة البر لعموم الدليل ولخصوصه ولو كان له طريقان أحدهما مسافة والأخرى لا جرى على كل حكمه ولو سلك الأبعد للتقصير قصر خلافاً لبعضهم حيث جعله كصيد اللهو ولو كان الطريق لا يبلغ ذهابه أربعة وإيابه كذلك وإن بلغ مجموعه ثمانية كالمركب من اثنين والست أو الثلاث والخمس فلا تقصر لتوقفه على المسافة الغير حاصلة سوى ما ذكرناه وتثبت المسافة بالشياع لأنها من ظنون الموضوعات التي يكتفي فيها بذلك وبشهادة العدل الواحد على إشكال وغير العدل من أهل الخبرة أشكل ولو تعارضت البينتان قدم المثبت إلا أن يرجع النافي إلى الإثبات فيقدم لأصالة التمام والأحوط الجمع والشاك في المسافة يتم فإن قصد إلى مكان معين فتبين بعد ذلك بلوغه المسافة قصراً ولا يعيد ما صلاه تماماً لأن الامتثال هنا قاض بالإجزاء ولو لم يقصد إلى معين بلغ مسافة أم لا لا يجوز له التقصير كما سيجيء إن شاء الله تعالى والفرق بين هذا وما قبله ظاهر خلافاً لما يظهر من بعض المتأخرين ولو تردد في ثلاث فراسخ يوماً تاماً وأن يصل إلى محل الترخص فلا تقصير عليه ولو خرج عن محل الترخص فدار على البلد دورة تبلغ المسافة فلا يبعد وجوب التقصير والأحوط الجمع ولو دار داؤره تبلغ مجموعها المسافة فلا عبرة بها ويبدأ المسافة من آخر دورة البلد في البلاد المتعارفة لانصراف الإطلاق إليه في النص والفتوى وآخر المحلة في المتسعة الخارجة عن العادة لخروج الخارق المعتدل كرجوع غير مستوي الخلقة للمستوي ومن كان على رأس المسافة بحيث الصف في رأس الحد وعدل وجب عليه القصر والأحوط الجميع ويجوز التمام أحد المختلفين في المسافة بلوغاً وعدمها بالآخر على الأظهر ولا بأس باختلافهم بالرأي.
بحث:يجب في التقصير قصد المسافة الكلية أو قصد مكاناً معيناً يبلغ المسافة كما دلت على ذلك الروايات وكلمات الأصحاب وبه يخصص عمومات التقصير في السفر لشمول لفظ السفر له والأصل أن لا يكون للنية مدخلية فيه فلو ضالة أو عبد آبق أو هام على وجهه أثم ولو بلغ الصبي فلو أراد الرجوع فإن كان يبلغ رجوعه ومسافة الثمانية قصر لعموم الأدلة وخصوصها وإن لم يبلغ الثمانية لم يقصر ولا يضم الذهاب إلى الإياب لأن الضم لا يعتبر إلا عند مقارنة القصد له ولو بقي من مقصده شيء في الأثناء لم يبلغ المسافة أتم للإجماع المنقول وظاهر بعض الروايات الخاصة والمشهور بين الأصحاب ولو كان قدر الرجوع مما يبلغ المسافة أو كان بانضمام الباقي إلى الرجوع يبلغ المسافة وكذا يتم في الرجوع إذا لم يبلغ مسافة ولو بلغ قدره مع الباقي مسافة ولا يضم إليه الباقي بعد سقوط اعتباره وكذا يتم في نفس المقصد إذا عزم على الرجوع وإن بلغ قدر المسافة على الأظهر وللاستصحاب وظاهر كلام الأصحاب وبعض روايات الباب ففي رواية عمار مما يشعر بوجوب التقصير بعد بلوغ من لا يقصد السفر قدر ثمانية فراسخ مطلقاً في الرجوع وفي نفس المقصد وفيما بقي من الذهاب لقوله فيها (هي في الرجل يخرج في الحاجة وهو يريد السفر فيمضي في ذلك فيتمادى به المضي حتى يمضي ثمانية فراسخ كيف يصنع في صلاته فإنه يقصر ولا يتم الصلاة حتى يرجع إلى منزله) لكنها مخصوصة بحال الرجوع وفاقاً للمشهور واستناداً للإجماع المنقول عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستة فراسخ فيأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فينزل خمسة فراسخ أخرى أو ستة لا يجوز ذلك الوضع قال:(لا يكون مسافراً حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم صلاته) بحمل الموثق على وجوب الإتمام فيما بقي مما هو دون المسافة وفي نفس المقصد وحمل الأول على حال الرجوع فيخصص الأول بالثاني دون العكس لقوة الثاني وتأييده بما ذكرناه خلافاً لمن عكس.