انوار الفقاهة-ج8-ص174
أحدها:أن المتابعة هل يراد منها مجرد فعله مثل فعله لأنه فعله سواء كانه متقدماً أو مقارناً أو متأخراً أو يراد منها ما كان كذلك بشرط أن لا يتأخر والظاهر أن الأول مجمع على عدم كفايته والأدلة تنفيه أيضاً وأما الثاني فالمشهور الاكتفاء به ولم يكن عليه دليلاً سوى ما يتخيل من صدق المتابعة والقدوة مع المعية إذا كانت بنية التبعية وما ورد في المعتبرة من صحة صلاة من صليا معاً فقال كل منهما كنت إماماً وما ورد في الصحيح عن الرجل يصلي أله أن يكبر قبل الإمام قال:(لا يكبر إلا مع الإمام) وما وردو في جامع الأخبار وفيه ورجل يضع رأسه مع الإمام فلو صلى صلاة واحدة ولاحظ له في الجماعة حيث صحح الصلاة مع المعية والكل منظور فيه لمنع صدق المتابعة والاقتداء مع المعية ولتوقف صدقهما في العرف على التأخر أما على وجه الحقيقة أو على وجه الظهور من الإطلاق المنصرف إليه اللفظ ولا أقل من الشك فيؤخذ مما تيقن من صدقهما عرفاً وفهم المشهور منها ذلك لا يكون حجة مع معارضة فهم العرف ودلالة الدليل على خلافه كما سيأتي إن شاء الله تعالى ولمنع دلالة ما في المعتبرة على صحة المعية لاحتمال تعلق الشك في الإمامية والتقدم والتأخر من كل منهما وكذا ما ورد في الصحيح لظهور إرادة البعدية الاتصالية من المعية ولو مجازاً لندرة وقوع المعية الحقيقية فلا تناسب الحصر لأن الحصر إنما يناسبه القول الأظهر والأكثر ولا يرد علينا قوله في آخره فإن كبر قبله أعاد لأن المفهوم حجة إذا لم يرد مورد الغالب وهنا كذلك وارد مورده لندرة الحجية ولمنع دلالة رواية جامع الأخبار على الجواز وغاية ما تدل على الصحة على أنها دلت على صحة الصلاة وبطلان الجماعة ونحن نقول بذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى فهي دليل لنا لا علينا فالأقوى حينئذ وجوب التأخير لإجمال الجماعة وعدم جواز التمسك بإطلاقها فيجب إن يؤخذ بها القدر المتيقن وما شك في شرطيته شرط فيها ولظهور النبوي أيضاً بوجوب التأخر لمكان الفاء المفيدة للتعقيب وإن جاز إقتران الفاء بجزاء الشرط المقارن للفعل وبالمسبب المقارن للسبب والعلة المقارنة للمعلول كقوله (():(إن زالت الشمس فصلِ) لكن الظهور لا ينكر وما ورد في الروايات الكثيرة فيمن وقع قبل الإمام وهوى قبله ليس فيه دلالة على جواز المقارنة والمعية لورود السؤال مورد الغالب ورود الجواب على طبقة فلا يصلح شاهداً على ذلك.
ثانيها:المتابعة الواجبة لا شك في تعلقها بالأفعال وكذلك تكبيرة الإحرام من الأقوال لعموم الأدلة وشمول الإجماع لها وأما غيرها من الأقوال فالأظهر فيها وجوب المتابعة إذا كانت واجبة دون ما إذا كانت مندوبة لشمول كلمات الأصحاب لها لأنها أفعال فكل إجماع منقول على عدم وجوب المتابعة يشملها وظهور إرادة الفعل المقابل للقول في كلام الأصحاب غير معلوم وكذلك باقي الأدلة أيضاً يشملها حتى النبوي وقوله (() فيه:(فإذا ركع فاركعوا) الخ لا تعيد إطلاق ما تقدم من الأدلة وقيل بعدم وجوب المتابعة استناداً للأصل ولأنه لو وجبت المتايعة لو وجب على الإمام الجهر فيها ليتمكن المأموم من متابعته وهو منتف بالإجماع وتكليف المأموم تأخير الأقوال إلى أن يعلم وقوعها من الإمام بعيد وربما كان مفوتاً للقدوة وفي الكل نظر لانقطاع الأصل بالإجمال والدليل ولمنع الملازمة بين الوجوبين كما في تكبيرة الإحرام فإنه يجب فيها المتابعة وفاقاً ولا يجب الجهر وكذلك الأفعال ولا يجب التنبيه من الإمام على فعلها ولمنع تكليف المأموم بحصول العلم لاستلزامه فوات القدوة غالباً بل يكفي الظن بالفعل منه دفعاً للضرورة وعدم إمكان العلم غالباً بفعله أصلاً ورأساً فضلاً عن تأخره وتقدمه والسيرة أيضاً شاهدة بكفاية الظن ورواية ابن فضال فيمن ركع يظن أن الإمام قد ركع تشير إلى الجواز العمل بالظن بالأفعال فضلاً عن الأقوال ويجزي في المتابعة في الأقوال أن يوقع حرفاً بعد حرف ولا يجب إيقاع كلمة بعد كلمة والأحوط في تكبيرة الإحرام إيقاع تكبيرة المأموم بعد الفراغ من تكبيرة الإمام مكملاً لأن تحليلها التكبير.