انوار الفقاهة-ج8-ص59
أحدها:أذان الإعلام مشروع بالنص والإجماع ولم نر مخالفاً فيه من العامة والخاصة وهو عبادة مخصوصة يشرع لنفسه عند دخول الأوقات للتنبيه على الصلاة فيهما ويشترط فيه نية القربة والتعيين والقصد إلى الإعلام فيه ليفارق أذان الصلاة بالقصد لأن أذان الصلاة عبادة أخرى مشروع لها لا يخاطب به إلا من يصلي لصلاته ووظيفته تقديمه في الصلاة وهو من المندوبات العينية لسائر المكلفين وسقوطه بفعل الغير كما في الجماعة وعند سماعه للدليل بخلاف أذان الإعلام فإنه يصح للمصلي وغيره ولا يبعد أنه من المندوبات الكفاية إذا حصل الفرض من فعل واحد سقط عن الباقين وما يفعله المؤذنون من الكثرة إنما هو للشك في حصول من الفرض الإعلام التام بالنسبة إلى أهل تلك البلاد وما شابهها وفي القول بأنه من المندوبات العينية العينية أيضاً قوة وأذان الصلاة لا يشرع إلا بعد دخول وقتها وأذان الإعلام كذلك إلا أنه قد رخص في تقديمه على الصلاة الصبح تقديماً عرفياً بحيث لا يفوت الفرض وأذان الصلاة لم يرخص فيه ذلك وقد يقال بعدم جواز تقديمهما تداخلهما لأنهما عبادتان مستقلتان ولكن الأظهر جوازه وإذا نوى أحدهما بخصوصه فالظاهر عدم إجزائه عن الآخر منهما إلا إذا حصل الإعلام بأذان الصلاة فإنه يسقط أذان الإعلام لفوات محله ويجوز أن ينوي الفاقئين في الأذان الصلاتي ويكون من الضمائم الراجحة في العبادة ولا يجوز فيهما التوكيل ولا الإنابة ومؤذن الجماعة ليس وكيلاً عن الإمام ولا نائباً عنه بل يؤذن لصلاتهم إن لم يؤذن الإمام فإن أذن الإمام سقط عن المأمومين والأذان واحد من المأمومين فيسقط عن الجميع لكونه في الجماعة كالمندوب يسقط بفعل البعض.
ثانيها:يشترط في الاعتداد بالمؤذن بمعنى سقوط الكفاية به في الإعلام وسقوط الخطاب به مرة أخرى في الجماعة والاكتفاء بسماعه لمريد الصلاة والاكتفاء به لمن دخل المسجد ووجد الجماعة قد أذنت وأقامت وغير ذلك العقل والإسلام فلا يجزي أذان المجنون حال جنونه ولا الكافر كذلك ولا الصبي غير المميز للإجماع بقسميه وللاحتياط ولتوقيفية العبادة في الاعتداد بها ولم يثبت عن صاحب الشرع ذلك والمفهوم من الأخبار أن المؤذن مؤتمن والمؤذنون أمناء الله إن الأذان وظيفة لمن هو أهل للأمانة وهل يشترط الإيمان الأقوى اشتراطه لمفهوم الأخبار المتقدمة وللاحتياط ولقوله (() يؤذن لكم خياركم وفي الخبر أذن خلف من خلفه وللصحيح الدال على (من دخل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه أذن وأقام وإلا قال قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله) وللموثق الدال على عدم أذان غير المسلم العارف والمراد المؤمن كما هو المعلوم استعماله لا في الأخبار ولا يعارض ما ذكرناه من الأخبار المرخصة للصلاة بأذانهم لحملها على الاعتداد به في معرفة الوقت سيما لو كان مانعاً عن الاختيار بقرينة قوله في الصحيح فإنهم أشد مواضبة على الوقت ويصح أذان المميز للأخبار والإجماع وكذا العبد للإجماعات المنقولة ويعتد بأذان المرأة للمحارم والأماثل للعمومات وللموثق (لا يؤذن إلا رجل مسلم عارف) والمراد به الاعتداد قطعاً لأن الأذان مشروع للنساء والرجال ولأنها إن أسرت لم يعتد به وإن جهرت كان منهياً عنه فيفسد وقد يورد على ذلك بأن الإسرار لا ينافي الاعتداد إذ لا يلزم الاعتداد استماع كل من جاء لجماعة قد أذنت وأقامت وبالمنع من كون صوتها عورة مطلقاً أو بالمانع من كونه عورة عند الحاجة والأذان منها وبالمنع من أن الفاسد في الأذان لا يعتد به وبالمنع من أن النهي يقضي بالفساد هنا لتعقله بالكيفية وبالمنع من تعلق النهي بها دائماً لجواز وقوعه سهواً أو استماعه كذلك أو استماعه عمداً ولا يضر وفيما قدمناه كفاية.