انوار الفقاهة-ج6-ص66
الثانية عشر:جوز ابن إدريس تأخير دفع الزكاة مطلقاً لإطلاق الأمر للطبيعة ونقل الإجماع على ذلك وقد يستند له بالأخبار المحددة للتأخير شهرين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر بتنزيلها على المثال والكل ضعيف لتخصيص الإطلاق بما ذكرناه وتوهين الإجماع بفتوى المشهور بخلافه وبتعليله الإجماع بأنه لا خلاف بينهم في إن الإنسان يخص بزكاته فقيراً دون فقير ولا يكون مخلاً بواجب ولا فاعله القبيح وبحمل الأخبار على التقية أو طرحها على حالة الاضطرار لعدم مقاومتها لما قدمناه من الأدلة وجواز الشيخ (() تأخيرها إلى شهر وشهرين ومع عزلها للصحيح (لا بأس بتعجيل الزكاة وتأخيرها شهرين) وإطلاقه وإن اقتضى جواز التأخير إلى الشهرين مطلقاً لكن مقيد بصورة العزل للموثق زكاتي تحل في شهر أيصلح لي أن أحبس منها شيئاً مخافة أن يخشى من يسألني فقال: (إذا حال الحول فأخرجها عن مالك ولا تخلطها بشيء ثم أعطها كيف شئت) قال: قلت: فإن أنا كتبتها وأثبتها أيستقيم لي قال: (نعم لا يضرك) وصورة العزل في هذا الخبر وإن كان مطلقاً لكنه مقيد بمدة شهرين للصحيح المتقدم فيكون كل من الخبرين مقيداً للآخر وهما معاً مقيدان لما جاء من التعجيل والمنع من التأخير ولا يخفى ضعف هذا لأن العام والخاص من وجه لا يقيد كل منهما الآخر للزوم اطراحها معاً بغير دليل من عرف وشبهة لان مجموع الروايتين معاً لا يقاومان ما قدمنا من دليل المنع كي يحكم عليه في مورد اجتماعهما في صورة العزل ومدة الشهرين على أن الأول قد اشتمل على التعجيل ولا يقول به الشيخ والثاني على كفاية الإثبات والكتابة عن العزل ولا يقول به أيضاً وجوز الشهيد (() تأخيرها لانتظار الأفضل والأحوج أو للتعميم أو لمعتاد الطلب منه وقيد ذلك في بعض الكتب بما لا يؤدي إلى الإهمال فإن أراد بذلك الفورية العرفية كان حسناً وإلا كما هو الظاهر فلا دليل على ما ذكرنا سوى رواية العزل وهي خاصة بمن خاف الطلب ومتضمنة لاشتراط التأخير بشهرين أو ثلاثة كما تقدم كصحيحة معاوية بن عمار الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها للمحرم قال: (لا بأس) أو ثلاثة للبسط كصحيح ابن سنان في الرجل يخرج زكاته فيقسم بعضها ويبقي بعض يلتمس به المواضع فيكون بين أوله وآخره ثلاثة أشهر قال: (لا بأس) ولا تصلح أيضاً لعدم تقيدها بما ذكره سوى صحيح ابن سنان والتقيد فيه بالسؤال فلا يصلح لتقيد الأخبار الأخر ولتجديدها بالمدة الخاصة في السؤال في جملة منها وفي كلام الإمام في جملة أخرى وهو لا يقول بالجواز مطلقاً ولم يثبت فلم يفت لما فيه من الخروج عن الظاهر ومخالفة الاحتياط وجوز الشهيد الثاني وتبعه سبطه وغيره التأخير شهراً أو شهرين مطلقاً استناداً للرواية المتقدمة ولا يخفى ضعفه لمعارضتها بجميع الروايات المتقدمة والاحتياط فلا تصلح لأن ترجح عليها.
الثالثة عشر:يجوز دفع الزكاة في غيربلدها لو اتفقت فيه عينها او مثلها او قيمتها من غير خلاف يعتد به و ان كان الافضل الدفع في غير بلد المال لرواية فعل النبي (() ولا يجوز تعلقها مع عزلها أو تشخيصها للزكاتية أو مع اشتراكها في ماله من بلد إلى آخر بما يسمى نقلاً عرفاً وبما يسمى بلد آخر أو محلة أخرى كالبلد العظيمة مع وجود المستحق في البلد وإمكان صرفها فيه للإجماع المنقول وفتوى المشهور نقلاً ولما فيه من التصرف بالأمانة والتقرير بها وهو منهي عنه ولما فيه من المنافيات للفورية الواجبة وكون النقل مشروعاً في الإخراج فلا ينافي الفورية لا وجه له عرفاً وشرعاً وللاحتياط ولملازمة الضمان للإثم والضمان لا كلام فيه وكذا الإثم وفيه نظر وحكم جمع من أصحابنا بالجواز مع الضمان تمسكاً بالعمومات وأصالة البراءة من التحريم وبالأخبار ففي الحسن في الرجل يعطي الزكاة ليقسمها له أن يخرج الشيء منها من البلد التي هو فيها إلى غيرها قال: (لا بأس) وفي آخر في الزكاة يبعث بها الرجل إلى بلد غيره فقال: (لا بأس أن يبعث بالثلث أو الربع) والثلث من الراوي إلى غيره ذلك وهو قوي لولا إن هذه الأخبار أكثرها ضعيف السند ومخالف للاحتياط ومخالف للمشهور نقلاً بل تحصيلاً فالأول أقوى وإن ضعفت بعض تعليلاته ولو لم يوجد المستحق ولم يكن صرفها في مصارفها وكان الطريق أجاز آمن نقلها من بلده إلى بلد أخرى ومن بلد فيها المال إلى بلده متحرياً الأقرب فالأقرب ولا ضمان عليه للصحيح رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتى تقسم قال: (إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان لأنها قد خرجت من يده وكذلك الوصي الذي يوصي إليه يكون ضامناً لما دفع إليه إذا وجد بربه الذي يدفعه إليه وإن لم يجد فليس عليه ضمان) إلى غير ذلك من الأخبار.