پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج6-ص64

الخامسة:الزكاة من العبادات المؤقتة المحدود طرفاً وقتها أو المحدود أول وقتها أو من ذوات الأسباب عند اجتماع الشرائط وارتفاع الموانع وعلى كل حال فلا يجوز تقديمها قبل وقتها وقبل تمامية سبب الوجوب لصالة عدم الإجزاء وتوقيفية العبادة ولفتوى الأصحاب عند من شذ منهم و لأخبار الباب المعتبرة المعنضدة لفتوى المشهور و عمل الجمهور ففي الصحيح الرجل يكون عنده المال أيزكيه إذا مضى نصف السنة قال: (لا حتى يحول الحول عليه وتحل عليه إنه ليس لأحد أن يصلي صلاة إلا لوقتها وكذلك الزكاة فيها ولا يصومن أحد شهر رمضان إلا في شهره إلا قضاء وكل فريضة إنما تؤدى إذا حلت) وفي آخر أيزكي الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة قال: (لا لا يصلي إلا قبل الزوال) ويدل على ذلك جميع ما جاء في الشرائط من نفي الزكاة عند عدم الحول كقوله ((): (كلما لم يحل الحول عليه فليس عليك فيه زكاة) وشبه ذلك وكذا ما جاء من ثبوتها عند حول الحول وحمله على ما إذا لم يؤدها سابقاً فيكون التقديم جائز ولابد لنفيه من دليل كما تخيله بعض المتأخرين ضعف في غاية الضعف وقد جاء في بعض الأخبار ونقل الإفتاء به عن بعض الأصحاب من جواز التعجيل بعنوان أنها زكاة ضعيف نادر لا يقاوم ما قدمنا لأن النقل لم يثبت من أهله والأخبار وإن اشتملت على الصحيح وغيره كقوله (() في صحيحة حماد بن عثمان لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين وصحيحة معاوية بن عمار في الزكاة قال: قلت: فانها لا تحل عليه إلا في المحرم فيتعجلها في شهر رمضان قال: (لا بأس) والصحيح إلى أبي بصير وفيه يزكي الذي مرت عليه سنة ويدع الآخر تمر عليه سنة قلت فإن اشتهى أن يزكي ذلك قال: (ما أحسن ذلك) والصحيح عن الرجل يأتيه المحتاج فيعطيه من زكاته في أول السنة فقال: (إن كان محتاجاً فلا بأس) وفي خبر أبي بصير عن الرجل يعجل زكاته قبل المحل قال: (إذا مضت ستة أشهر فلا بأس) فهي لندرتها وشذوذها يجب طرحها أو حملها على التقية لفتوى أبي حنيفة والشافعي وأحمد بذلك وأما حملها على حالة خوف الفوات وعدم إمكان التأدية في الوقت كغسل الجمعة لخائف الإعواز فهو بعيد عن فتوى الأصحاب وسياق أخبار الباب كما إن حملها على التجوز بإرادة القرض من الزكاة لعلاقة الأول يبعده تحديد جواز التقديم في الأخبار بشهرين أو أربعة أشهر أو السنة أو إذا مضت خمسة أشهر إلا أن يلغى المفهوم العددي منها لجريانه مجرى الغالب من عدم إعطاء المال قبل ذلك لخرصهم عليه ويلغى ما كان محدوداً فيها في السؤال لعدم وجوب ابتناء الجواب عليه فيكون محملاً قريباً.

السادسة:لا شك في جواز القرض على الزكاة قبل حلول الوقت فإن حل وقتها وبقي المدفوع إليه على صفة الاستحقاق احتسب عليه زكاة وإلا استعاده وتدل على ذلك الأخبار وكلمات الأخيار بل في الأخبار الحث على ذلك وزيادة المثوبة والنهي عن رد المؤمن عن حاجته هذا إن بقي على صفة الاستحقاق وإن اغتنى بنماء ذلك و غيره استعيد منه وإن اغتنى بنفس القرض فالأقوى جواز الاحتساب عليه لصدق الفقر عليه عرفاً لمكان الدين ولعدم ثمرة في أخذه ثم دفعه ومنع بعضهم الاحتساب لمكان الغنى وهو ضعيف ولو قلنا بجواز دفع الزكاة المعجلة مضى الدفع مطلقاً وسواء استثنى بنفس العين المدفوعة أم بغيرها على الأظهر لحصول الإجزاء واشترط جماعة بقاء القابض على صفة الاستحقاق لأن الدفع كما أنه مراعى في جانب الدافع من تعلق خطاب الزكاة به بعد ذلك فكذلك في جانب القابض ولما ورد في صحيحة الأحول من أنه عجل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة فإنه يعيد المعطي الزكاة والكل ضعيف لعدم الملازمة في الأول وعدم الأمر بالإعادة من المعطي بل الإعادة من المعطى فليحمل على الاستحباب في عام واحد مرتين.

السابعة:إن كانت الزكاة مؤقتة أو كانت من ذوات الأسباب فالأظهر عدم جواز تأخيرها عن وقت الوجوب في أمهات الأحوال وعن وقت وجوب الإخراج في الغلات كزمان التصفية وشبهه فيجب البدار هنا فوراً بحسب الإمكان وعلى التوقيت يكون قضاء وعلى الفور يكون أداء والذي يدل على ذلك ظاهر الإجماع المنقول ويكون صاحب المال مطالباً بشاهد الحال فيكون كالأمين الشرعي أو المالكي عند مطالبة المالك ويكون الفرض من الزكاة سد الخلة ودفع الحاجة والتأخير يقتضي الغرض المراد منها وكون الأمر من الله تعالى للفور مطلقاً أو بخصوص المقام بقرينة الاحتياج والفقر وإرادة الإرفاق منه تعالى بالفقراء وصحيح سعد بن سعد عن الرجل تحل عليه الزكاة في السنة ثلاث أوقات أيؤخرها والظاهر أنه يريد بيان عدم جواز التأخير عن زمن حلها بقرينة السياق لا بيان مبدأ الوجوب زمن الحلول لأنه أمر بديهي والآخر عنه (():(وليس لك أن تؤخرها بعد محلها) وضعفه مجبور بفتوى المشهور وعمل الجمهور وكما يعصي صاحب المال بالتأخير كذلك يعصي الوصي والوكيل به.