پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج6-ص57

الرابعة:العدالة وهي ملكة في النفس تمنعها عن ارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر وتمنعها من منافيات المروءة إن كانت منافيات المروءة كاشفة عن عدم الملكة وإلا دخل في المقام لها وطريقها حسن الظاهر على الأقوى أو البينة أو الإطلاع على حاله بالممارسة واشتراطها في الزكاة مذهب جمع من الأصحاب ونسب لمشهور القدماء للاحتياط بيقين الخروج عن العهدة معها لما في الدفع إلى الفاسق من الإعانة على الإثم وللإجماع المنقول ولما ورد عن شارب الخمر يعطى من الزكاة قال: (لا وعلى قولهم يشكل في الدفع لمن لا ملكة له في العدالة ولا عمل يفسق به وفي المجانين والأطفال وفي ابتداء البلوغ إلا أن يقولوا أن الفسق مانع وليست العدالة شرطاً وذهب آخرون إلى اشتراط التجنب عن الكبائر فقط استناداً للخبر المتقدم مع عدم القول بالفصل وانجبار سنده ضعفاً بفتوى مشهور القدماء وللإجماعات المنقولة وللاحتياط أيضاً وذهب آخرون إلى عدم اشتراط ذلك استناداً للأصل والعمومات والإطلاقات وللخبر عن الزكاة (يعطى المؤمن ثلاثة) ثم قال: (أو عشرة آلاف ويعطى الفاجر بقدر لأن المؤمن ينفقها في طاعة الله والفاجر ينفقها في معصية الله تعالى) وللسيرة المعلومة من زمن النبي (() والأئمة (() وأصحابهم كانوا يدفعون الأموال للشيعة وما كان يسألون إلا عن فقرهم واحتياجهم ولو كانوا يسألون عن عدالتهم لنقل إلينا ولخلو أخبار الزكاة البيانية عن ذكر العدالة والنص على اشتراطها ولو كانت شرطاً لذكرت كما ذكر الإيمان وذكر غيره من الشرائط ولعسر معرفة العدالة في إن السبيل غالباً وفي الرقاب تحت الشدة ولا قائل بالفرق وللشهرة المتأخرة الصالحة لأن تكون دليلاً بنفسها المقوية للعمومات والإطلاقات ولتصريح مشترطي العدالة بعدم اشتراط عدم منافيات المروءة هنا مع أن ارتكاب منافيات المروءة كاشف عن عدم تحقق العدالة كما صرح به بعضهم وغاية ما تمكن التزام العدالة في العاملين عليها لأنهم أمناء في صورة ما إذا أخذوا سهماً منها ولو أخذوا بعنوان الإجارة والجعالة كان أمرهم بنظر الحاكم ولو كان في المنع ردع الفاسق عن فسقه كان ممنوعاً من جهة وجوب النهي عن المنكر على الأظهر نعم قد يقوى القول بمنع مرتكب الكبائر المعهودة والولاية من حكام الجور من الدفع إليهم من غير سهم المؤلفة قلوبهم أو قلنا بجواز التصرف إليهم منه وغير سهم سبيل الله تعالى في بعض المقامات للشهرة المحصلة على منعهم من قدماء أصحابنا ولجريان سيرة الإمامية بالبعد عنهم وتجنب سبيلهم وعدم الركون إليهم ولا يلحق بالكبائر هنا الإصرار على الصغائر وإن كان في المعنى من الكبائر أيضاً لعدم معاملة أهله معاملة أهل الكبائر.

ثالثها:أن لا يكون المدفوع إليه واجب النفقة على المالك الدافع إذا دفع إليه للإنفاق لا التوسعة ولا لإغراض أخر من شراء دار أو وفاء غريم أو إطلاق من المكاتبة أو عتق مطلقاً أو شراء كتب أو آلات أو ظروف أو دواب أو مهر تزويج أو إنفاق على من وجبت نفقته عليه فإن ذلك كله جائز سواء كان من سهم فقراء ومن غيرهم كسهم سبيل الله وابن السبيل فيما يزيد على النفقة من حمولة أو فراش في الطريق وظروف وآلات أو سهم العاملين فيما إذا كان عاملاً ونعني بواجب النفقة أعم مما كان سبب كالزوجية والمملوك أو للنسب كالوالدين وإن عليا والولد وإن نزل أو بالتزام كالمنذور الاتفاق عليه أو المستأجر بنفقته والدليل على تحريم الدفع الواجب النفقة من الزكاة في نفقته الإجماع بقسميه تحصيلاً ونقلاً وإن الزكاة والإنفاق واجبان فلا يسقط أحدهما بالآخر والأصل عدم التداخل وإن دافع الزكاة للنفقة كدافع الزكاة في دينه والزكاة لا تعود للمالك وللأخبار ففي الصحيح (خمسة لا يعطون من الزكاة شيئاً الأب والأم والولد والمملوك والزوجة) وذلك لأنهم عياله لازمون له وفي آخر قلت: فمن الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا أحتسب الزكاة عليهم فقال: (أبوك وأمك) قلت: أبي وأمي قال: (الوالدان والولد) وفي آخر (لا يعطى الجد والجدة) وفي آخر (خمس لا يعطون من الزكاة الولد والوالدان والمرأة والمملوك) لأنه يجبر على النفقة عليهم ويلحق بهذه الخمسة غيرهم من المنذور له والمستأجر لمكان التعليل وعدم القائل بالفوت والدليل على جواز اخذ هؤلاء من غير سهم الفقراء لغير الانفاق اذا دخلوا تحتهم عموم الاية والرواية وفتوى الأصحاب وما جاء من الأخبار في الباب من جواز فك الأب من الزكاة ووفاء دينه ومفهوم التعليل وكذا من سهم الفقراء إذا لم يكن في النفقة بل كان وجود آخر من توسعة أو شراء أسباب تليق بحاله المفهوم لعلّهُ من الروايات الدالة على أن سبب المنع هو كونهم لازمين له أوكونه يجبر على الإنفاق عليهم وكذا باقي الأدلة ودعوى أن التعليل بلزوم النفقة لعلّهُ مانع من الدفع مطلقاً لشبهة بالمعنى وللخبر إن لي ولد رجالاً ونساءاً أفيجوز لي أن أعطيهم من الزكاة شيئاً فكتب (إن ذلك جائز لك) وجمله عند الدفع للتوسعة بعد عدم جواز الأخذ بظاهره أقرب المحامل.