پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج3-ص82

ثالثها:يجب الوقوف بعد ذلك بالمشعر للنص والإجماع وهو ركن في العمد من تركه عمداً بطل حجه للنص والفتوى والاحتياط وفي الجاهل أشكال من إطلاق النص في البطلان وإصالة عدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ومن أن الجهل عذر والله أولى به والخبر المعتبر فيمن لم يقف بالمزدلفة حتى أتى منى وكان جهل بذلك قال يرجع قلت أن ذلك قد فاته قال لا باس ونحوه المرسل وهذا الأخير أقوى وتأول الشيخ لهما بحملهما على تارك الوقوف جهلاً وقد أتى باليسير بعيداً جداً ومن تركه نسياناً صح حجه أن كان وقف بعرفه اختباراً لحديث رفع القلم وللخبرين المتقدمين ولما اشتهر من النبوي أن الحج عرفه ولفتوى المشهور بل المتفق عليه نقلاً خلافاً لمن منع للأخبار الدالة على أن من فاتته المزدلفة فقد فاته الحج وللأخبار الدالة على أن من أدرك جمعاً فقد أدرك الحج وهو ضعيف لعموم هذه الأخبار بالنسبة إلى تلك ولزوم تحكيم الخاص في العام سيما مع قوة الخاص وأن لم يدرك الوقوف الاختياري بعرفه لم يجزئه وفسد حجه لعدم أجزاء الاضطراري الواحد سيما اضطراري عرفه لفتوى الأصحاب والإجماع المنقول في الباب ولعموم الأخبار النافية للحج عمن لم يدرك المشعر وللاحتياط وكذا من نسي الوقوف بعرفه فأدرك اضطراري المشعر فقط فأنه لا يجزي أيضاً للاحتياط وللإجماع المنقول ولفتوى المشهور وللأخبار المتواترة نقلاً على ما نقل عن المقنعة ولعموم نفي الحج عن أصحاب الأراك ونسب لجمع من أصحابنا الاجتزاء لعموم من أدرك جمعاً فقد أدرك الحج وأن من أدرك المزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج وهو ضعيف للزوم تخصيص العموم بما قدمنا ومن نسي اختياري المشعر وإِدراك اضطرارية بعد أن نسي اختياري عرفه أدرك اضطر أيها وبالجملة أدراك الأضطرارين فالأوجه الأجزاء لخبر الحسن الصفار وعموم من أدرك المزدلفة فوقف فيها قبل الزوال فقد أدرك الحج خرج من لم يدرك شيئاً لما قدمنا من الأدلة وبقي الباقي ومن نسي اختياري أحدهما فأدرك اضطرارية وأدرك اختياري الآخر صح حجه في المقامين للإجماع المنقول وفتوى الأصحاب وللصحيح وما يقرب منه فيمن افاض من عرفات إلى منى قال فليرجع وليأت جميعاً فيقف بها وأن كان الناس أفاضوا ولعموم أخبار من أدرك المشعر فقد أدرك الحج وللأخبار الدالة على أجزاء الوقوف بعرفه ليلاً لمن لم يتمكن نهاراً وبالجملة فصور أدراك الوقوفين ثمانية الاختيارين وإدراك الاضطرارين وإدراك اختياري عرفه واضطراري المشعر والعكس وإدراك اختياري عرفه فقط أو المشعر فقط وادراك اضطراري عرفه فقط أو المشعر فقط وكلها لا بأس بها على الأظهر ألا الصورتين الأخيرتين فأن الأقوى فيهما عدم الأجزاء لظاهر النصوص والاحتياط وفتوى المشهور ولا فرق بين الناسي في العذر وغيره من الممنوع لعارض أخر ولو للجهل كما تشعر به كثير من الأخبار في أحكام الحج وتارك الوقوفين نسياناً لا حج له ويجب الوقوف عند طلوع الفجر إلى طلوع الشمس في الاختبار وللمضطر الوقوف إلى الزوال وقيل بامتداد الاضطرار إلى الغروب وكأنه لقوله (() من أدرك المشعر فقد أدرك الحج وهو ضعيف لا يعارض ما نطقت به الأخبار وأنعقد عليه الإجماع وهل من الاختياري الوقوفين من أول الليل إلى طلوع الفجر فيجزي الوقوف به ولا يأثم صاحبه وأن لزم جبره شاة كما يظهر من جمع لإطلاق الأخبار بأن من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك ولقوله في الأخبار المعتبرة في التقدم من المزدلفة إلى من يؤمون ويصلون الفجر في منازلهم بمنى لا بأس والخبر سمع أن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة مع عدم أمره بالرجوع أو أنه من الاضطرار فلا يجزي ألا مع الاضطراري عند حصول أخذ الأعذار فيجزي حينئذٍ لمدرك عرفه اختياراً أو مطلقاً وأنه يجزي في صحة الحج وأن أثم صاحبه بالإفاضة عند الفجر كما يرشد أليه ثبوت الكفارة بدم شاة وجوه والأقوى أنه من الاضطراري وفاقاً للمشهور والاحتياط ومنقول الإجماع وظواهر الأخبار والمكان الذي يجب الوقوف فيه هو المشعر بكسر الميم وفتحها ويسمى مزدلفة لقول جبرائيل لإبراهيم (() أزدلف إلى المشعر الحرام أو لازدلاف الناس إليها من عرفات ورويت أنها سميت جمعاً لأن أدم جمع فيها بين الصلاتين وحد المشعر هو ما بين المازمين إلى الحياض إلى وادي محسر كما هو في الأخبار وفتاوى الأصحاب والظاهر أن الحدود خارجه من المحدود وفي بعض الأخبار ما بين المازمين إلى حياض محسر وظاهره أن الجبل أيضاً ليس من الحدود وظاهر الفقهاء أنه من الحدود الداخلة والمازمان الجبلان بين عرفات والمشعر ومعرفة هذه الأمكنة موكول لأهلها من الأعراب والمترددين ومع الضيق والزحام يرتفعون إلى مازمين ومع الزحام كذلك يرتفعون جائز أيضاً من دون الضرورة لدخولهما في المحدود ولكن على كراهة كما هو ظاهر جمع أو غير جائز كما نقل عليه الإجماع ونسب لفتوى الأكثر لخروجهما عن المحدود أو لكن على كراهة للشك في دخولهما والشك في الخروج عن العهدة بالوقوف عليها ويجب المبيت في المشعر للاحتياط وفتوى الأكثر نقلاً والناسي والصحيح لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة ولا تجوز الإفاضة منه قبل الفجر مع عدم الرجوع ولو أحرم إمكانه لتفويته الواجب من الوقوف بعد الفجر ويستثنى من ذلك الإمرأة والخائف وكل معذور فيجوز لهم الإفاضة ليلاً قبل الفجر بعد انتصاف الليل أو قبله لإطلاق الأخبار وفتوى الأصحاب والإجماع المنقول في الباب والأولى أن لا يفيض ألا بعد انتصاف الليل والناسي للوقوف بعد الفجر لو وقف ليلاً أجزأه ولا شيء عليه وزمان الوقوف الاختياري ما بين الفجر إلى طلوع الشمس بمعنى أي وقت وقف إجزأه ولا يجب استمرار الوقوف فيه لعدم وجوب مقارنة الوقوف لطلوع الفجر على الأقوى لما يظهر من الصحيح أصبح على طهر بعدما تصلي الفجر فتقف أن شئت قريباً من الجبل وأن شئت حيث تبيت ولظاهر فتوى كثير من الأصحاب بذلك ولعدم صراحة الأدلة بوجوب مقارنة الوقوف لطلوع الفجر أو لتعليق جملة منها الوقوف بيوم النحر أو بما قبل طلوع الشمس أو بغير ذلك وهو جواز الإفاضة قبل طلوع الشمس فتوى ونصاً وجواز وادي محسر كذلك ويظهر من بعضهم وجوب مقارنة الوقوف للفجر فيجب أن ينوي مقارناً له بالنية الجامعة للقربة والتعيين الرافع للإبهام والاشتراك ويجب استدامة حكمها لو أوجبنا الاستدامة إلى طلوع الشمس أو إلى ما قبله ولكنه بعيد والاحتياط يقضي به وهل يكفي في نية الوقوف بين الطلوعين بنية الوقوف ليلاً مطلقاً ولا يكفي مطلقاً أو يكفي لو ذكر الوقوف بين الطلوعين معه وألا كما إذا نفاه أو سكت عنه فلا يكفي وجوه أقواها الأخير وأحوطها الوسط ولو جن أو أغمى عليه بعد نية الوقوف بعد الفجر أو بعد نيته ليلاً أجزأه ما نواه ول لحظة أو يندب الوقوف بعد صلاة الفجر للفتوى والخبر وحملها على الوقوف القيامي دون الكون الركني بعيد لأبتنائه على وجوب مقارنة الوقوف المنوي للفجر ولا نقول به ويندب بعد حمد الله تعالى والصلاة على النبي (() والدعاء بالمأثور والتكبير مائة والتحميد مائة والتسبيح مائة والتهليل مائة والصلاة على النبي والدعاء لنفسه ولعياله وللمؤمنين والأحوط عدم ترك الذكر للأمر به في الآية والرواية وفي بعض الأخبار أنه يجزي الذكر في الصلاة منه ويندب أن يطأ الصرورة المشعر الحرام برجله ويراد به المسجد الذي هو قرب المنارة لا المعنى العام الذي يجب الوقوف به أو يراد به جبل قزح وهو المشهور وقيل هو ظاهر الآية والأخبار والأصحاب قيل ويندب الصعود على جبل قزح وذكر الله تعالى عليه زيادة على ذلك ويندب لمن عدا الأمام الإفاضة قبل طلوع الشمس بقليل للنص والفتوى ويكره أن يتجاوز وادي محسر قبل طلوع الشمس للنهي عنه وقيل يحرم وهو أحوط ويندب الهرولة وهي الإسراع في المشي أو ما تسمى بذلك عرفاً وادي محسر مائة خطوة كما في بعض الأخبار أو مائة ذراع كما في بعض أخر والراكب يحرك دابته سريعاً ولو نسي الهرولة عاد إليها للنص والفتوى ويندب الدعاء بالمأثور عندها ويندب للأمام أن يتأخر بجمع إلى أن تطلع الشمس وأوجبه جماعة لإطلاق الأمر وهو أحوط وأوجبه جمع مطلقاً وهو موافق للاحتياط ويندب التقاط الجمار من المشعر ويجوز من غيره ألا من غير الحرم فلا يجوز كل ذلك للنصوص والفتاوى وهل يجوز أخذ جص المساجد وجهان من النهي عن إخراجها القاضي بالفساد والنهي عن أخذ الجص المخرج وهو يضاد الرمي فيكون منهياً عنه وخوف الاختلاط بغيره فلا يمكن تمييزه لرده مطلقاً من الأصل القاضي بالجواز والمنع من تحريم إخراج الجص من المسجد و غاية النهي الكراهة والمنع من وجوب فورية الإعادة ولو سلم فالمنع من اقتضائه الفساد وخوف الاختلاط يمكن تداركه بعلامة ونحوها ويندب لمن افاض بالمشعر الاقتصاد في المسير والدعاء إذا بلغ الكثيب الأحمر من يمين الطريق بالمأثور ويندب تأخير العشائين إلى المزدلفة وأن يجمع بينهما بأذان واحد واقامتين وقيل بوجوب التأخير للنهي عن الصلاة قبل إتيان جمع في بعض الأخبار ويعارضه أخبار أخر دله على الجواز والاحتياط يقضي بالتخيير والجمع بين الصلاتين وتأخيرنا نافلة المغرب إلى ما بعد العشاء إذا غاب الشفق المغربي إذ لا تطوع في وقت فريضة أحوط وأن كان الأقوى جواز ألتقا بينهما مطلقاً وأصل وظاهر بعض الصحاح الحاكية للفعل هل النواهي عن التطوع مؤقت فريضة صح على الكراهة وهل أفضلية التأخير منتهي إلى ربع الليل كما في كلام جمع أو ثلثه كما في كلام آخرين ودل عليه صحيح ابن مسلم والخبر الأمر به وأن مضى من الليل ما مضى والإجماع المنقول أو نصفه كما نسب إلى رواية والأقوى الوسط فأن خاف تجاوز الثلث صلى في الطواف ومن فاته الحج ولم يدرك الوقوفين اختياراً أو اضطراراً وأحدهما اختياراً أو لم يتمكن منهما تحلل بعمرة مفردة للإجماع والأخبار ولا يجوز البقاء على الإحرام إلى العام القابل ليحج به والأظهر وجوب نية الاعتماد عليه للاحتياط وظاهر الأمر بجعلها عمرة أنها من الأمور المثقلة فتفتقر إلى نية ولقوله (() لا عمل ألا بنية وقيل بانقلابه إليها قهراً حتى لو أتى بأفعالها من دون نية لكفى للأصل ولظاهر الأخبار الحاكمة بكونها عمرة مفردة والحاكمة في الطواف والسعي فيها من دون ذكر لأمر أخر وظاهرهما الانقلاب القهري والأمر بالإتيان بالعمرة فيصرف للأمر بالإتيان بأفعالها دون نيتها والكل ضعيف عن مقاومة دليل النية والاحتياط سيما والأخبار المذكورة قاصرة عن إفادة عدم اعتبار النية بل غاية مفادها الانقلاب معها وهو مما يعبر به كذلك غالباً ويقضي الحج من قابل وأن كان واجباً عليه وجوباً مستمراً والأقضاء وندباً للإجماع المنقول في المقامين وفتوى الفحول والأخبار ويسقط إذا نقل نسكه إلى العمرة باقي الأفعال من الرمي والهي والمبيت بمنى والحلق والتقصير فيها فله المضي من حينه إلى مكة والإتيان بأفعال العمرة ويندب له الإقامة بمنى أيام التشريق محرماً ثم ينوي العدول إلى العمرة أو يأتي بباقي أفعالها أن كان نواها وذهب الشيخ إلى وجوب القضاء على من لم يشترط على ربه حين إحرامه مطلقاً وسقوطه عمن يشترط استناداً للصحيح المشعر بذلك وللخبر الدال على أن من فاته الحج يهرق دم شاة ويحل وعليه الحج من قابل أن انصرفوا إلى بلادهم وأن أقاموا حتى يمضي أيام التشريف بمكة ثم خرجوا إلى بعض مواقيت أهل مكة فأحرموا أو أعتمروا فليس عليهم الحج من قابل والكل ضعيف لعدم معارضة الصحيح أكثر الأخبار وفتوى الأصحاب فليحمل على تأكد استحباب القضاء عند عدم الاشتراط إذا لم يكن وجوبه مستقراً لعدم القول بسقوطه مع الاشتراط إذا كان وجوبه مستقر ولإجمال الخبر الأخر وعدم صراحته بالبطلان فلا يعارض ما قدمنا وجملة على من لم يجب عليه أو على من لم يحرم اختياراً بالذبح له وعلى تأكد الندب للحج من قابل على من لم يعتمر أولى فتأمل ولإجمال الخبر الأخر وعدم صراحته بالمطلوب فلا يعارض وأوجب بعض الهدي للخبر المتقدم ولأن من فاته الحج كالمحصور والخبر ضعيف لا يعارض إطلاق الأخبار وعدم ذكره في مقام البيان وفتوى المشهور وتشبيهه بالمحصور أيضاً ضعيف لأنه يتم الأفعال ولكنه يعدل فالأولى حمل الخبر على الندب نعم روى الصدوق في الصحيح نحو ما مر ثم قال فيه يقيم بمكة على إحرامه ويقطع التلبية حين يدخل الحرم فيطوف بالبيت ويسعى ويحلق رأسه ويذبح شاته ثم ينصرف إلى أهله ثم قال هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه أن يحله حيث حبسه فان لم يشترط فأن عليه الحج والعمرة من قابل وهو يمكن لأن يكون دليلاً للزوم الهدي ألا أن لفظ شاته بالإضافة مشعراً بأنه كان معه شاة عينها للهدي وأحتمل فيه أن يكون فينا رجل بعينه وأن يكون نذر شاة للذبح والاستحباب.

رابعها:بعد الفراغ من المشعر يجب عليه المضي إلى منى لقضاء المناسك بها وهي الرمي والذبح والنحر والحلق والتقصير فهنا أمور…

أحدها:يجب الترتيب بين هذه الأمور وجوباً شرعياً للعالم لظاهر الأخبار المؤذنة بالترتيب وفي بعضها النهي عن الحلق قبل الذبح وفي بعضها النهي عن الإعادة وللاحتياط وللتأسي مع قوله خذوا عني مناسككم ونسب هذا القول للأكثر وقيل بعدم وجوبه ونسب للمشهور للأصل والصحيح النافي للجرح عمن حلق قبل أن يذبح وقبل أن يرمي ولتقدم نفي إلباس في الخبر المتقدم الناهي عن الإعادة والظاهر جواز الترك وحمله على الأجزاء ليس بأولى من حمل النهي على الكراهة ولفتوى أكثر العامة على ما نقل فيؤيد به الصحيح المتقدم وحمل نفي الحرج فيه على الأجزاء أو الجهل أو النسيان أو الضرورة أو نفي الفداء بعينه وهذا القول الأخير قوي ألا أن الأول أظهر وأحوط.