پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج3-ص53

ثالثها:يجب على المحرم ترك الطيب ولا يبعد رجوعه إلى العرف وعرفه الشهيد بأنه الجسم ذو الريحة الطيبة المتخذ للشم غالباً غير الرياحين والعلامة في التذكرة ما يطيب رائحته ويتخذ للشم قال والمعتبر أن يكون معظم الفرض منه الطيب أو يظهر فيه الفرض ومثلوا الطيب بالمسك والعنبر والكافور والزعفران وماء الورد ودهنه والأدهان المتخذة للشم والعود وأخرجوا ما لا يتخذ لذلك كالشيح والقبصوم والخزامى والأذخر وأن طابت رائحتها وما أتخذ للأكل دون الشم كالقرنفل والسنبل والدارسين والمصيطكي ونحوها ولكن في عد القرنفل أشكال وما كان من الرياحين فأنه وأن أتخذ للشم ألا أن في دخوله في الطيب وفي مساواة حكمه له أشكال وعلى أي تقدير فالنبات البري من الأذخر والشيح والقيصوم والخزامى وأشباهها لا بأس به كما دلت عليه صحيحه معاوية بن عمار وكذا ما يسمى بالفواكه كالأترج والنبق والتفاح لا بأس به أيضاً أكلاً كما دلت عليه كثرة من الأخبار وفي بعضها أن الأترج طعام ليس من الطيب ونقل الإجماع أيضاً أن الفواكه ليس من الطيب نعم في كثير من الأخبار الأمر بالإمساك عن شبهة عند أكله والظاهر منها الكراهة لما سيجيء من الأخبار المتكثرة المشعرة بحصر المحرم في الطيب أو في بعض الأفراد منه ألا أن الأحوط الإمساك عن شمه كما أن الأحوط تجنب الريحان لصحيحه عبد الله بن سنان وصحيحه حريز الناهيتين عنه ولولا قوة المعارض من حصر المحرم في غيره عموماً أو خصوصاً لقلنا بالتحريم ولا بأس بخلوق الكعبة وقبر النبي (() وأن تركب من الزعفران وغيره للإجماع والأخبار وفي بعضها أنه طهور وسياقها وفهم الأصحاب منها يفيدان عدم ألباس بشمها وتلطيخ ثياب المحرم لأنه طيب ولولا ذلك لأمكن الحكم بتنزيل الروايات على الحكم بطهارته وعدم غسله لاحتمال تلوثه بنجاسة الأعراب والنواصب واشباههما والظاهر تسرية الحكم لغير الخلوق من أنواع الطيب التي تطيب به الكعبة أو القبر حتى ما كان واضعه من تلوث به تنقيحاً للمناط وتسرية للعلة والظاهر أنه لا بأس برائحة العطارين بين الصفا والمروة كما دل عليه صحيح هشام وأدلة نفي العسر والحرج ولا يجب سد الأنف عنها وأن وجب سد الأنف عن شم الريح الطيبة ابتداء واستدامة كما يظهر من الأخبار وكلام الأصحاب ولو استهلك الطيب في غيره فلا بأس به وفي رواية عمران أن كان الدواء غالباً على الزعفران فلا بأس وهو محمول على ما ذكرناه ولو زالت رائحته فلا يبعد ارتفاع تحريم الاستعمال له ولو أكلا ولكن الأحوط تجنبه لاستصحاب التحريم سيما فيما نص على تحريمه بالخصوص لا لكونه متصفاً بوصف الطيبة لعدم ظهور دوران الحكم فيه مدار الوصف ولو زالت عنه جميع الأوصاف من اللون والطعم والرائحة كان الاحتياط أقل ثم أن الطيب شمه وأكله واستعماله في ثوب أو فراش أو لمس باليد كل ذلك للإجماع المنقول وللأخبار الناهية عنه والناهية عن شمه وعن مسه حتى أنه لو داسه بنعله أثم وكفر كما قيل وهو حسن ثم أن المحرم هل هو الطيب مطلقاً كما هو المشهور نصاً وفتوى والموافق للاحتياط والجامع للأخبار الحاصرة في بعض دون بعض والذاكرة لبعض دون بعض ويختص بأربع المسك والزعفران والعنبر والورس للأخبار الحاضرة للمحرم في ذلك فيقيد بها العمومات أو يحمل العام على الندب أو يختص بست الأربع المتقدمة والكافور والعود للإجماع المنقول عليها وللأخبار الناصة على العود والأخبار المانعة عن الميت من الكافور فالحج بطريق أولى ولا ينافي ذلك الأخبار المتقدمة الحاصرة للطيب المحرم في الأربعة لانصراف أدلة الحصر لغيرها لقلة استعمال الكافور للأحياء وعدم مباشرة العود للتطيب به بنفسه والظاهر أرادة ما يستعمله المتطيب بنفسه أو يختص الخمس بإسقاط الورس أقوال أضعفها الأخير لوجود الورس في الأخبار المعتبرة وفيما قبله قوة لقوة أخباره فستعمل العمومات عليها حملاً للعام على الخاص وللإجماع المنقول على نفي الكفارة فيما عدا الستة وفيما قبله ضعف لندرته وضعف الصحيح باشتماله على لزوم الكفارة فيما لا نقول به ويصرف الصحيح لحصر عن ظاهره فيه إلى الحصر الإضافي وأقواها الأول لتكثر الأخبار فيه واعتضادها بفتوى المشهور وعمل الجمهور ويضعف الأخبار الخاصة اختلافها أيضاً فلتحمل الأخبار الخاصة على ما هو أغلظ تحريماً وأكثر استعمالاً أو غير ذلك ويحرم سد الأنف من الرائحة الكريهة للأخبار الناهية عنه الظاهرة في التحريم ولفتوى الأصحاب ولا يحرم التنفس بالفم على الأظهر وأن كان المقصود تجنب الرائحة الكريهة للأصل من غير معارض.

رابعها:يجب على المحرم ترك لبس المخيط وهو خاص بالرجال للإجماع على الأمرين معاً منقولاً بل ومحصلاً على الظاهر ألا في مقام الضرورة إنما جاء استثناؤه من قبل الشارع والأخبار وأن كان المذكور فيها النهي عن القميص والقبا والسراويل والثوب المزود والمدرع لا المخيط مطلقاً ألا أن الظاهر أن المذكور مثال وليس له خصوصية بقرينة فتوى الأصحاب والأجماعات المنقولة في الباب والحق بالمخيط ما شابهه من المنسوج كالدرع والمردف والملصق بعضه ببعض ولو شيء غير الخياطة والعقد عقداً متواصلة وذلك لمشابهته للمخيط في (التنعم والترف) وهو وأن أجماعاً فلا بأس وألا فلا يخلو من أشكال ودعوى شمول بعض الأخبار له منظور فيها لمن تأمل بها ولا فرق في المنع بين الثوب الضام للبدن وغيره خلافاً لأبن الجتيد وقد تقدم جملة من الكلام في ثياب الإحرام .

خامسها:يجب على المحرم لبس ما يستر ظاهر القدم كالخفين والنعل السندي لفتوى الأصحاب وظاهر الأجماعات المنقولة في الباب والأخبار الناهية عن الخفين ألا إذا أضطر أليهما ولم يكن له نعلان والجريين ألا أضطر أليهما والظاهر أنهما واردان مورد المثال وتخصيصهما بالذكر بكونهما الغالب في الحصول والظاهر أن المحرم ما يستر ظهر القدم تماماً لا بعضه ألا الخف فأنه محرم وأن ستر بعض القدم للنص ولا يحرم الستر بغير اللبس بالثياب وغيرها من البدن أو النبات أو الغطاء ونحوها للأصل ورفع العسر والحرج ولا يبعد اختصاص التحريم بالرجال لانصراف النهي إليهم ولأن إحرامها في وجهها ولفحوى ما جاء أن الأمرأة تلبس ما شاءت من الثياب ولأنها عورة فالستر مطلوب لها على كل حال وإذا اضطر إلى لبس الخف ونحوه جاز للضرورة كما دل على ذلك النص والفتوى وهل يجب أن يشق الملبوس عن ظهر القدم حينئذٍ كما أفتى به جمع ودلت عليه بعض الروايات أو لا يجب للأصل وترك البيان من الأخبار الصحيحة والإجماع المنقول ولأنه أتلاف للمال المحرم أتلافه ولأن القول به مذهب العامة والرشد في خلافهم وجهان أقواهما الأخير .