انوار الفقاهة-ج2-ص150
ثالث عشرها: إذا دفع المسلم إليه المبيع قبل الحلول لم يجب القبول مطلقاً لأن التأخير حق لهما وإن كان أصل مشروعيته إرفاقاً بالبائع وإذا دفعه بعد الحلول فإن طابق الوصف وجب القبول إذا كان على الحد الوسط من الأوصاف المشترطة وكذا لو كان متصفاً بالوصف الأعلى منها وأما لو كان متصفاً بالوصف الأدنى منها فالظاهر عدم لزوم القبول إلا برضاه لانصراف الأوصاف إلى الحد الوسط ولا يلزم مثله في الأعلى لأنه وسط وزيادة إلا إذا اشترط الوسط وإن لم يطابق الوصف لم يجب القبول سواء كانت تلك الأوصاف أعلى أو أدنى كما إذا اشترط سناً معلوماً فدفع ما هو أجود منه أو صفة معلومة فدفع ما هو أعلى منها لعدم المطابقة ولجواز تعلق الغرض بوصف خاص ولعدم لزوم قبول الإحسان وللأخبار الخاصة في أحدها فيمن يسلم في وصف بأسنان معلومة ولون معلوم ثم يعطي دون شرطه أو فوقه قال: (إذا كان من طيبة نفسه منك ومنه فلا بأس) وفي آخر أرأيت أن أسلم في أسنان معلومة أو شيء معلوم من الرقيق فأعطاه دون شرطه أو فوقه بطيبة النفس منهم قال: (لا بأس) وفي الثالث في الرجل يسلف في وصف أسنان ولون معلوم ثم يعطي فوق شرطه فقال: (على طيبة نفس منك ومنه فلا بأس) ونسب للمشهور وجوب القبول فيما إذا دفع الأعلى لأنه إحسان ويجب قبوله وفيه منع وجوب قبول الإحسان أو لا منافاته لظواهر الأخبار المتقدمة ثانياً وحمل جملة من الأخبار المتقدمة على إرادة طيب النفس من المشتري في قبول الأدنى وطيبة نفس من البائع في دفع الأعلى فإنه لو أراد اشتراط طيبة نفس كل منهما في كل منهما لقال بطيبة نفس فالعدول عن ذلك إيذان بذلك بعيد عن السياق وعن ظاهر الأخبار الأخر ويمكن حمل كلام المشهور في وجوب قبول الأعلى ما إذا طابق الوصف ولكن كان أعلاها ولم يشترط الوسط على المخالف وأما ما ورد في بعض الأخبار من الأمر بأخذ ما دون الشرط ولا يؤخذ ما فوقه فمحمول على الندب والإرشاد لتنزيه النفس لا على الحتم والإيجاب لمخالفتها الفتاوى والنصوص ولو دفع المسلم إليه الأكثر قدراً لم يجب القبول قطعاً لعدم وجوب قبول الهبة.
رابع عشرها: إذا حل الأجل وجب على المسلم إليه الدفع عند المطالبة فلو لم يطالبه ولم يكن عدم المطالبة لعذر أو نسيان لم يجب الدفع وإذا دفع وجب القبول على المسلم فلو كان لحمله مؤنه لم يجب على الدافع إلا باشتراط أو قضاء عرف بذلك بل لا يجب على الدافع النقل إلا مع اشتراط أو قضاء العرف بذلك نعم يجب عليه التخلية والتسليم عند إرادة المسلم القبض ولو دفع المسلم إليه فلم يقبل المسلم وضعه بين يديه أو أدخله في بيته تحت يده وبرأ من ضمانه فإن لم يتمكن رفع أمره إلى الحاكم ليجبره على القبض أو الإبراء لما في تحمل الذمة من الضرر المنفي والحاكم منصوب لقطع موارد النزاع والاختلاف وقدم بعضهم هذه المرتبة الأخيرة على الأول وهو لا يخلو من قوة لعدم تعين الفرد الموضوع بين يديه وفاءاً من دون قبضه له فيقوم الحاكم مقامه في الجبر أو مقامه في القبض فيقبض عنه لولايته على الممتنع وإن لم يمكن الرجوع للحاكم في الجبر أو القبض استأذن منه في تعينه بالعزل وإبقائه أمانة عنده أو عند غيره من العدول فإن لم يمكن استئذانه عزله بنفسه لمكان الضرر بإبقائه وإبقائه أمانة عنده أو عند غيره وبرأ من ضمانه لو تلف وهل ينتقل عند العزل إلى ملك المسلم فنماؤه له ولا يجوز للمسلم إليه التصرف فيه أو يبقى في ملك المسلم إليه وفائدته فراغ ذمته وإرتفاع الضمان عند تلفه وجهان أظهرهما الأول وأحوطهما الأخير والأحوط منه إبقاءه ديناً عليه فيوصي به بطناً بعد بطن مع عزل مقابله للوفاء به.