انوار الفقاهة-ج2-ص148
عاشرها: يشترط في السلم إمكان وجود المسلم فيه عند حلول الأجل ليصح التسليم ولا يضر امتناعه قبله وعبر بعضهم عن ذلك باشتراط القدرة على التسليم ذلك الوقت وآخر عبر بغلبة الوجود عند الحلول ورابع عبر بعموم الوجود وخامس عبر بمأمونية الانقطاع ونقل الإجماع على هذا الشرط مع التعبير عنه بالعبارات الأخيرة ونحوها وظاهر ذلك أن هذا الشرط أمر زائد على اشتراط القدرة على التسليم التي هي شرط في أصل البيع بل هو خصوص السلم فلا يسري لبيع كل كلي ولا لبيع كل كلي مؤجل أيضاً لأصالة عدم اشتراط أمر زائد على إمكان التسليم والقدرة عليه فيهما سواء ندر وجوده أو كثر وسواء تيسر تحصيله بسهولة أو كان مما يصعب تحصيله لوجوده في مكان آخر يعسر نقله إلا بمشقة على أنه يمكن تنزيل العبارات الأولية على العبارات الأخيرة بقرينة إفرازهم لهذا الشرط عن اشتراط القدرة على التسليم وعدم اكتفائهم به هاهنا بقرينة أن جل الذاكرين لهذا الشرط صرحوا في مقام آخر ببطلان السلم إذا أدى إلى غرة الوجود وندرته وظاهر ذلك أنه أمر وراء القدرة على التسليم وإمكانها فما يظهر من بعض من المتأخرين من الاكتفاء بوجوده والقدرة على تسليمه ولو بظن البائع للموثق (لا بأس أن يشتري الطعام وليس هو عند صاحبه إلى أجل وحال) ولا يسمى أجلاً إلاّ أن يكون بيعاً لا يوجد مثل العنب والبطيخ في غير زمانه وللصحيح فيمن اشترى طعام قرية بعينها قال : (لا بأس) وآخر في رجل يشتري طعام قرية بعينها فإن لم يسم بعينها أعطاه حيث شاء والمشترطون لعموم الوجود لا يجوزون السلم في طعام قرية ضعيف لا يعارض ما قدمناه من الإجماع المحكي والشهرة المحصلة والمنقولة على أنه يمكن حمل ما لا يوجد في الرواية الأولى على ما لم يوجد غالباً ونلتزم منع بيع ما لا يوجد غالباً حتى في الحال أو يبقى على معناه ويكون قيداً للحال الحال فيكون المؤجل مسكوتاً عنه فلا ينافي اشتراط الزيادة فيه أو يكون قيداً لهما فيكون دلالته على اتحدهما في الشرطية بالمفهوم الضعيف فلا يلتفت إليه وأما الروايتان الأخيرتان فحملهما على القرية الكبيرة المقطوع بحصول الغلة فيها عادة جمعاً بينهما وبين كلام الأصحاب أولى من إبقائهما على إطلاقهما ولو سلمنا إبقاءهما فلا نسلم إن مورهما السلم بل الظاهر منهما ارادة غيره ثم إن الظاهر من إطلاق الفتوى والإجماع المنقول هو اشتراط عمومية الوجود ذاتاً ووصفاً ومكاناً وظرفاً ومكيالاً ومتعلقاً وأن يكون عام الوجود في محل أداء المسلم فيه المشروط أو المنصرف إليه الإطلاق وفيما يقرب منه بحيث يعتاد نقله إليه ولا يكفي وجوده في آخر والظاهر أنه شرط واقعي فلو عقدا بزعمهم عموم الوجود فبان العكس تبين بطلان البيع ولو زعما الندرة فبان الخلاف صح.