پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج2-ص111

ثالث عشرها: تراب الصياغة المجتمع من النقدين يباع بهما وبغيرهما وبأحدهما مع الزيادة فيه لمقابلة النقد الآخر على وجه العلم دون الظن ولا يجوز مع الجهل بالقدر احتياطاً من الربا وورد في بعض الأخبار الأمر ببيعه بالطعام وهبي لمخالفتها القواعد والأخبار القاضية بجواز بيعه بغيره على نحو ما قدمناه ولإعراض الأصحاب عن الحكم بها لزم تنزيلها على الندب والإرشاد إلى ما هو أحوط في التجنب عن الربا وورد أيضاً الأمر بالتصدق به بعد بيعه على وجه الإطلاق في رواية وورد في أخرى الأمر بالتصدق به عند خوف اتهام صاحبه له إذا أخبره وكلاهما خلاف القواعد لعموم الأولى للمعلوم أهله والمجهول ولا قائل به في المعلوم بل يجب إرجاعه إليه ولظهور الثانية في المعلوم عند خوف اتهامه له والقاعدة تقضي بدسه في أمواله أو إبقائه عنده أمانة أو إيصاله إلى الحاكم على وجه التخيير والترتيب فالأولى تنزيل الروايتين على حال جهل المالك ويراد بقوله في الثانية إذا أخبرته اتهمني الاستخبار لاحتمال أنه مالكه فأسقط عنه الإمام (() لزوم الاستخبار لمكان الخوف رأفة به فعاد مجهول المالك واحتمال أن المال الذي يخشى قابضه من إرجاعه إلى مالكه يعود كالمجهول المالك فيتصدق به عنه لمكان هذه الرواية بعيد كل البعد وفقه المسألة أن تراب الصياغة إن اعرض أهله عنه عاد مباحاً للصائغ وغيره ولا يبعد أولوية الصائغ من غيره بتملكه له وإن لم يعرضوا عنه وجب إرجاعه لأهله وإخبارهم سواء كان مما يتمول أو لا يتمول لقلته لأن غصبه على كل حال تعدي محرم ويضمن بالمثل مع عدم التمول فإن كان أهله معلومين دفعه إليهم إن لم يخش ضرراً وإلا دسه في أموالهم أو دفعه إلى الحاكم أو أبقاه عنده أمانة وإن اشترك فيه جماعة ولم يعرف كل واحد منهم قدر ماله تصالحوا عليه أو اقترعوا على إخراج القدر وإن علم أهله في محصورين أقرع على أهله أو تصالحوا عليه قهرياً أو اختيارياً ولو أمكن الأخير قدم على الأولين أو يعود كالمجهول الأصلي فيتصدق به هذا إن أقروا بان المال لهم وإن أنكرواهُ دسه في أموالهم وإلا دفعه إلى الحاكم وإلا تصدق به عنهم وإن جهل أهله لزمه الفحص فإن أيس من الإطلاع عليهم وكان مختلطاً بماله اختلاطاً لا يتميز فإن كان مجهول القدر أصلاً دفع خمس الجميع عيناً أو قيمةً مخيراً على الأظهر للهاشميين دون غيرهم على الأظهر وحل له الباقي وإن كان مجهولاً ولم يعلم بنقصانه عن الخمس تصدق بما يتعين به الشغل والأحوط بما تيقن به البراءة وإن كان يعلم بزيادته عليه دفع الخمس للهاشميين وتصدق بما زاد على نحو ما مر مع احتمال لزوم الصدقة بالجميع على غير الهاشميين وإن لم يكن مختلطاً بماله تصدق للأمر بذلك في هذا المقام وفي مقام مجهول المالك وفاقاً للمشهور وخلافاً لمن أوجب جعل مجهول المالك أمانة ولمن أجاز أكله فإن ضعف دليلهما عن مقاومة ما ذكرناه يمنع من الأخذ بهما ويلزم عليه التصدق عن المالك ولو كان مخالفاً أو كافراً ولو نص على عدم التصدق عنه قبل الجهل به ففي وجوب الصدقة عنه تعبداً أو الرجوع به للحاكم أو جواز تملكه وجوه أحوطها الوسط ويجب الصدقة بنفس العين مهما أمكن إلا إذا كان التصدق بالقيمة أعود ففي جواز الانتقال إليها وجه وربما أشعر به الأمر ببيعه في الرواية المتقدمة مع احتمال إن ذلك إذن من الإمام (() بالبيع لأنه الولي الحقيقي لا بيان للحكم وهل يلزم الرجوع إلى الحاكم في التصدق اقتصاراً على مورد اليقين من التصرف بمال الغير ولأنه الولي على مال الغائب لعموم ولايته وجعل حاكماً في الرواية ولولايته على ما هو أشد ولضرورة النظام القاضية بها أو لا يلزم لإطلاق الأخبار في الأمر بالتصدق من دون اشتراط أمر آخر وهو الأقوى ودعوى إن الأمر إذن من الإمام (() خلاف الظاهر لأن الظاهر أنه (() بصدد بيان الأحكام لا بصدد الرخصة في الفعل كما فهمه بعض الأقوام ومصرف هذه الصدقة المساكين لظهور لفظها في ذلك ولاقتضاء استقراء مواردها القطع بذلك وفي جواز إعطائها الهاشميين لعدم وجوبها أصالة على المتصدق من ماله عنه فليست من المفروضة الممنوع عنها وعدمه لدخولها في إطلاق المفروضة في الجملة فيشملها دليل المنع وجهان والوجه الأول ويجوز دفعها لواجب النفقة للتوسعة لا للإنفاق والظاهر وجوب الصدقة فوراً عرفياً ولو أخرها لعذر ضمن ولو تلف العين تصدق بالمثل والقيمة ويجب الوصية عند ظهور إمارات الموت فإن مات تولى إخراجها الوصي ويسلمها للحاكم كما أن الوارث الأحوط له ذلك أيضاً وإن كانت متلوفة وقد كانت مضمونة عليه أخرج من تركته مثلها أو قيمتها كسائر الديون واحتمال العدم في حكم العدم ولو ظهر صاحبها بعد التصدق بها فإن أجاز الصدقة فلا كلام وإن لم يجز رجع بالعين ما دامت باقية وهل هو فسخ من حينه فالنماء للمتصدق عليه أو من أصله فالنماء لمالكها وجهان فإن كانت العين متلوفة ضمنها للمالك واحتسب الصدقة له لعموم أدلة الضمان وعلى ذلك ينزل قوله ((): (أما لك أو لأهله) بمعنى إن لك إن لم يجز لاحتساب الشارع لصدقة له قهراً أو لأهله إن أجاز وحملها على المعاني الآخر بعيد أما عن ظاهرها أو عن القواعد الفقهية كحملها على الترديد في النية أو على حالة الإعراض وعدمه أو على حالة ظهورهم وعدمه ولو دفعها إلى الحاكم فتصدق بها الحاكم أو تلفت منه فلا ضمان على الدافع لإيصالها إلى الولي وربما يقال بعدم الضمان مع التصدق مطلقاً لعموم نفي السبيل عن المحسنين وللأصل ولأمر الشارع بالتصدق فلا يستعقبه غرامة وفي الجميع ضعف لترجيح أدلة الضمان لقوتها على أدلة السبيل عن أهل الإحسان وإن كان بين الدليلين عموم من وجه لتنزيل الآخر منزلة القواعد العامة يتسرع إليها ظل التخصيص بخلاف دليل الضمان ويجري الكلام لغير تراب الصياغة مما شاكلها من المجتمع من خشب النجارين أو طحين الطحانين أو خرق الخياطين أو شبه ذلك.

رابع عشرها: لا يجب إعادة الزيادات المتعارفة في الموازين بالنسبة إلى النقود المبيعة ببعض مسكوكة أم لا ولا يلزم درهماً ولا يمتنع بيعها كذلك من جهة الربا بل تملك بالعقد للمنقول إليه كل ذلك للإجماع المنقول وفتوى الفحول والسيرة الكاشفة عن تقرير آل الرسول (() وفي الصحيح عن فضول الكيل والموازين فقال: (إذا لم يكن تعدياً فلا بأس إلى غير ذلك من الأخبار وإن لم تكن معتادة حرم بيعها كذلك لمكان من الربا فإن باع كلياً ودفع ما فيه زيادة بنية الوفاء من غير الزائد أو باع معيناً من جملة مشتملة عليه فدفع المعين مع الزائد عليه أو باع معيناً فدفع معه زيادة على وجه السهو أو الجهل والنسيان ولم يقصد بيع الجميع صح البيع في جميع ما ذكرناه واحتمال البطلان في الأول لمكان تشخيص الكل بالفرد المدفوع فيلزم الربا بعيد جداً ثم إن الزيادة المدفوعة إن كانت عن عمد من الدافع فلا إشكال على الظاهر في كونها أمانة مالكية لا تضمن إلا بتعد أو تفريط ونقل على ذلك الاتفاق وإن كانت عن سهو منه ففي كونها مضمونة على القابض لعموم على اليد ما أخذت ولأنها أقوى من ضمان المقبوض بالسوم وإنها مقبوضة على أنها إحدى العوضين الجاري عليها عقد المعاوضة فيتعلق بها الضمان وعدمه للأصل ولكونها مقبوضة بإذن المالك فتكون كسائر الأمانات المالكية وللشك في شمول دليل الضمان لها ولإجمال على اليد فلعل المراد منه الحفظ دون الضمان ولأن حملها على المقبوض بالسوم قياس مع عدم القطع بثبوت المعين عليه والمساواة ممنوعة فضلاً عن الأولوية لأن القبض بنية العوضية غير موجب للضمان بعد ظهور الخلاف وجهان أحوطهما الضمان لعموم الخبر وتنزيله على الحفظ ورميه بالإجمال خلاف وظاهره وظاهر ما عليه الأصحاب ومنع الأولوية من المقبوض بالسوم في الضمان ظاهر المنع وثبوت الأصل مما نسلمه في محله إن شاء الله تعالى وهل هي أمانة شرعية فيجب ردها فوراً وإعلام المالك بها أو مالكية فلا يجب حفظها وجهان ولا يبعد الأول اقتصاراً على المورد اليقيني من جواز الاستيلاء على ما ل الغير.