انوار الفقاهة-ج2-ص41
عاشرها: يملك المبيع المشتري والثمن البائع بنفس العقد لفتوى الاصحاب والإحماع المنقول لتعليق إباحة التصرف بالمال كتاباً وسنة على وقوع العقد وحصول الرضا وقد وقعا ولانه لو لم يتصف بالصحة حال وقوعه لما اتصف بتعلق الخيار لأنه لا حق للعقد الصحيح والعقد سبب شرعي في الملك والتمليك كتاباً سنة فتوقفه على أمر آخر يحتاج دليل وليس فليس ولانه لو لم ينتقل المال إلى المتعاقدين لبقي موقوفاً كالفضولي واللازم باطل وللأخبار الدالة على جواز بيع المتع قبل قبضه مطلقاً من دون تفصيل والدالة على أن كل مبيع تلف قبضه فهو من مال بائعه من دون تقييد بمضي زمن الخيار الدالة على أن مال العبد للمشتري مطلقاً أو مع علم البائع من غير تقييد والدلالة على أن النماء والتلف في زمن خيار الشرط من المشتري خاصة والدالة على أن البيع بعد الشراء من دون تفصيل أو بعد الملك كما في الصحيح ولان قصد البائع الملك ابتدائه فبدونه ينبغي البطلان فوراً السيرة القطعية الحاكمة بجواز التصرف من المتعاقدين زمن الخيار فالقول بتوقف الملك على العقد وانقضاء مدة الخيار أو الالتزام بالعقد أما مطلقاً كالمحكي عن ابن الجنيد أو إذا كان الخيار للبائع أو لهما كالمحكي عن الشيخ أو أنه يخرج عن ملك البائع ولا يدخل في ملك المشتري إلا بعد انقضاء مدة الخيار كما نقل عن الشيخ ضعيف وموافق لفتوى العامة بأي معنى كان سواء كان انقضاء مدة الخيار بناقل من حينه أو ناقل عن أصلة أو كاشف له كذلك لضعف دليله وما يمكن الاستناد إليه من الأصل وظواهر بعض الأخبار كالتعبير في خيار المجلس بوجوب البيع والتعبير في غيره بنفيه كخيار التأخير وكالأخبار الدالة على أن تلف المبيع في زمن خيار المشتري من البائع لا يعارض ما ذكرنا لما قدمنا من أن التعبير بذلك أمر معلوم وشائع مفهوم في نفي اللزوم والقاعدة الأخيرة مسلمة كتلف المبيع قبل قبضه مطلقاً لا مخالف فيهما فيخصص بهما العموم وعلى هذا القول الأخير فلا يصح التصرف من ذي الخيار ولا من غيره فيما انتقل إليهما ويكون التصرف ممن انتقل إليه كمن باع شيئاً ثم ملكه ويكون نماء المنتقل للناقل ويكون النفقه عليه ويكون احتسابه من أمواله في خمس أن زكاة إلى غير ذلك وعلى الأول يصح التصرف من المنتقل إليه مطلقاً وتمضي عقوده نعم لو فسخ ذو الخيار احتمل أن له فسخها لأنها في معرض الجواز وأحتمل بقاؤها والرجوع إليه بالمثل والقيمة لأنها بمنزلة التلف واحتمل فوات الخيار منه فليس له الفسخ وأحتمل بطلان أصل العقود لا لعدم الملك بل لتعلق حق الغير فلا ينفذ العقد حينئذ وجوه أوجهها الثاني وهل التصرف مملك على القول الأخير كما أنه ملزم على القول الأول وجهان وهل الخيار المتأخر في بطلان العقد به كخيار التأخير كالمقدم وجهان وهذا مما يبعد القول الأخير.
حادي عشرها: لو تلف المبيع في البيع دون غيره من العقود اقتصاراً على مورد اليقين ودون الثمن في وجه قوي وتنقيح المناط مما لم يثبت كمنقول الإجماع قبل قبضه المعتبر في باب القبض كل بحسبه بآفة سماوية أو أرضية أو بقصاص أو أتلف نفسه بقتل ونحوه أو حد أو شبهها مما فرضه الشيء لا بتلف إنساني من أحد المتعاقدين أو غيرهما وكان معيناً لا كلياً فأتلفت أفراده وارتفع وجوده فإنه يثبت به الخيار بين الصبر والفسخ وأخذ القيمة وكان المشتري غير ممتنع من قبضه بعد عرضه عليه فتلفه من مال بائعه بمعنى انفساخه من حينه اقتصاراً على مورد اليقين بعد الحكم بصحة العقد والملك لا من أصله كما احتمله بعضهم ولا بمعنى ضمانه للمشتري المثل أو القيمة كما قد يظهر من معنى الضمان والدليل على الانفساخ فتوى المشهور والإجماع المنقول والرواية العامة وجملة من الروايات الخاصة ولو كان التلف من أجنبي سارق أو غاصب مجهول أو معلوم لم ينفسخ البيع ورجع المشتري عليه بالمثل والقيمة مع احتمال الفرق بين المجهول فينفسخ البيع تنزيلاً له منزلة التلف وللخبر الدال على أن المبيع إذا سرق من البائع كان من ماله والمعلوم فيرجع عليه ويحتمل أنه يثبت للمشتري الخيار بين الفسخ لحديث الضرار وبين عدمه فيرجع على المتلف فإن كان معلوماً أخذ منه وإن كان مجهولاً انتظر ظهوره وكذا لو كان المتلف هو البائع فإن الحكم بالخيار أولى من الحكم بالانفساخ ولو أتلفه المشتري قبل قبضه فالظاهر أنه بمنزلة قبضه فيذهب من ماله لاستبعاد انفساخ العقد مع ضمان المثل والقيمة للبائع مع كونه هو المتلف ولو شارك الآفة السماوية في التلف الأجنبي أو أحد المتعاقدين فإن استند القتل إليها فالحكم بالانفساخ واضح وإن استند اليهما فالحكم بعدمه وإن استند إلى الكل مجتمعاً أو كان كل سبب مستقل لو انفرد فالظاهر عدم الانفساخ أيضاً اقتصاراً في الحكم المخالف للأصل على مورد اليقين ومع الانفساخ يسترجع من المشتري الثمن أن دفعه وكان موجوداً فإن تلف فالمثل والقيمة ويلحق بتلفه بيعه أو عتقه أو صيرورتها أم ولد للبائع مع احتمال عودها للمشتري لأنه بمنزلة الملك القهري واحتمال عدم الانفساخ هنا للشك في شمول دليله لهذه الصورة واحتمال خروجها عن ملك الأول وعدم دخولها في ملك المشتري فتبقى بلا مالك ضعيفان جداً.