انوار الفقاهة-ج1-ص28
ثالثها:يجوز استئجار الأرض للبناء والغرس والزرع مع مشاهدة الأرض أو وصفها الرافع للجهالة ولا بد من تعيين أحد الثلاثة المتقدمة وتعيين المزروع أو المغروس وضبط المدة لرفع الجهالة في كل ذلك وجوز بعض المحققين استئجار الأرض لأحد الثلاثة المتقدمة أو لأحد أنواع الزرع فيتخير زرع ما يشاء وجوز استئجارها لما شاء فعله فيها على جهة العموم فيفعل فيها ما يشاء من الثلاثة وغيرها منفردة ومجتمعة وجواز استئجار الدابة ليحمل عليها ما شاء والكل لا يخلو من نظر لأول الأول إلى الابهام المجمع على منعه في عقود المعاوضة وأول الثاني إلى الجهالة ارتفاعهما بأجراء صيغة العموم لا يخلو من نظر واقتصر بعضهم على صورة العموم دون الترديد للزوم الإبهام في الأخير دون الأول وفيه ما قدمنا ولو عين المؤجر منفعة خاصة فليس للمستأجر التخطي عنها سواء كانت مساوية أو اقل منه ضرراً أو أزيد وسواء كان ذلك من جنس ما استأجره كما إذا استأجره لزرع خاص فزرع أقل منه ضرراً أو من غير جنسه كما إذا استأجره للغرس فزرع كل ذلك اقتصاراً على ما وقع عليه العقد من اللفظ الصريح في التصرف بمال الغير المحرم كتاباً وسنة والقطع بالرضا لا يرفع الضمان على الأظهر وقيل بجواز التعدي إلى الأقل ضرراً والمساوي ونسب للمشهور والظاهر منهم عدم الضمان أيضاً وحجتهم غير واضحة على ذلك ودعوى إذن الفحوى من المالك بذلك أو فهم إرادة نفس انتقال المنفعة على ذلك الوجه أو ما يساويه من دون تعلق عوض خاص ممنوع لاختلاف الأغراض والإرادات والمذاق بين عامة الناس فدعوى القطع أو الإذن الفحوائية لا تكاد أن تسلم بوجه .
رابعها:يجوز الاستئجار لحيازة المباحات عن المستأجر كالحطب والماء وغيرهما لأنه عمل مقصود مشتمل على نفع بناءاً على جواز النيابة في تملك المباح لأنه يملك بالنية لا بمجرد الفعل فلو نواه لغيره صار لغيره أو لأنه يملك من دون نية لضد تصرفه أما لو قلنا بملكه بالحيازة قهراً على الأجير فالأظهر عدم جواز الاستئجار عليه ويشعر بما اخترناه ما ورد من أن جوف السمكة لواجده لا للصائد.
ومنها: أنه يجوز الاستئجار لتعليم القرآن والمسائل الفقهية إذا لم يجب على المتعلم عيناً كقراءة الصلاة وفقهها أو كفاية لعدم قيام الغير به كباقي القرآن والفقه وإن وجب على المتعلم عيناً أو كفاية فقد وجب على المعلم أيضاً عيناً أو كفاية فلا يصح أخذ الأجرة عليهما كسائر الواجبات الكفائية ولو قام بالكفاية من به الكفاية سقط الوجوب كفاية على غيره وجاز أخذ الأجرة وعلى ذلك ينزل أخذ الأجرة على تعليم القرآن وجعل تعليم سورة منه صداقاً وأخذ الأجرة على تعليم مقدمات الفقه ونحوها ويجوز الاستئجار للفصد والحجامة والختان والاكتحال وإعانة الحامل على الوضع وإن تضمن على الأظهر والمداواة والسيطرة ومداواة الجراحات كل ذلك مع الاضطرار والاختيار بل لو أشرف المريض على التلف ووجبت على المعالج حفاظة نفسه جاز أخذ الأجرة لأنها إنما تجب مع العوض فإن دفعه المحتاج فيها وإلا عالجه بنية الرجوع إليه وملك عليه الأجرة كدفع المأكول لمن أشرف على التلف فإنه يجب العوض إن دفعه المشرف وإلا دفعه إليه بنية الرجوع ويلتزم به وما على المحسنين من سبيل.