انوار الفقاهة-ج1-ص17
السابع والعشرون:العين المقبوضة من يد المستأجر بيد المؤجر أمانة عمل بها أم لا من أهل الصنائع كان كالنجار والقصار والحائك والصائغ أم كالجمال والمكاري والراعي والملاح فلا يضمنها بدون تعد أو تفريط إلا إذا استند الإتلاف إليه بعمله أو بعمل وكيله كأن أفسدها أو عيبها عن عمد أو سهو أو خطأ باجتهاد أو غيره فلا يضمن حينئذ من غير خلاف لعموم ما دل على ضمان اليد وضمان المتلف وللأخبار الخاصة الدالة على ذلك كالصحيح (كل عامل أعطيته الأجر على أن يصلح فأفسد فهو ضامن) وفي آخر (كل من يعطى الأجرة ليصلح فيفسدها فهو ضامن) وفي ثالث مثله وفي رابع في غرامة القصار (إنما أعطيته ليصلح لم تعطه ليفسد) وفي خامس مثله وفي سادس في تغريم النجار حيث أفسد، (أن أمير المؤمنين (() غرمه) ذلك ويلحق بما قدمنا الكحال والحجام والقصار والبيطار والطبيب إن أفسدا بعملهما كسقيهما الدواء وشبهه من لطوخ وسعوط وفي الخبر (من تطبب وتبيطر فليأخذ البراءة من صاحبه وإلا فهو ضامن) وهل يضمن الطبيب بوصفه الظاهر العدم للأصل والشك في شمول قاعدة الغرور لمثل ذلك نعم لو وصف لغير العاقل فاستعمل بسبب وصفه فلا يبعد الضمان ويظهر من الخبر الأخير أن البراءة من الضمان ترفعه كاشتراط عدمه عند وقوع العقد ولا يبعد ذلك فيما لو لم يكن العامل مقصراً في العمل ولو لعدم كونه عارفاً وكون الطبيب حاذقاً ومجتهداً وإلا فلو كان جاهلاً فأفسد لجهالته ضمن مطلقاً على الأظهر وقد يقال بعدم ضمان غير أهل الصنائع إذا لم يتعدوا وإن كان الإتلاف بما جنته أيديهم لما دل على عدم ضمان الأمين وغاية ما خرج الصانع وهو قوي وقد يظهر من الفقهاء ذلك في مواضع ولو كان التلف لم يستند للعالم فلا ضمان للأصل ولما دل على عدم ضمان الأمين من الأخبار المتكثرة في الموارد المتعددة وللأخبار الخاصة المؤيدة بالأصل وفتوى المشهور كقوله: في الصحيح عن الصباغ والقصار قال ((): (ليس بضامن) وفي آخر عن الملاح (إذا كان مأموناً فلا تضمنه) وفي ثالث (عن جمال ضاع منه جمل فقال أتهمته فقلت لا فقال لا تضمنه) وفي رابع (عن جمال ضاع منه جمل قيمته ستمائة درهم قال يتهمونه قال لا قال لا يغرمونه) وفي خامس (عن جمال يحمل المتاع فيضيع فقال أمين هو قلت نعم قال فلا يأخذون منه شيئاً) وفي سادس عن القصار يصبغ الثوب منه بعد أن رفعه إلى قصار فوقع (() (هو ضامن إلا أن يكون ثقة مأموناً) وهذه الأخبار ظاهرة في عدم الضمان وتقييدها بعدم الاتهام وبكونه مأموناً.