پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص155

والحق أنه ينقسم إلى القسمين كما يقضي به الخبر، قال (أخبرني عن السحر، ما أصله ؟ وكيف يقدر الساحر على ما يوصف من عجائبه وما يفعل ؟ فقال ((): إن السحر على وجوه شتى، وجه منها بمنزلة الطب، كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء، فكذلك علم السحر احتالوا لكل صحة آفة ولكل عافية عاهة ولكل معنى حيلة، ونوع آخر منه خفة وسرعة ومخاريق، ونوع منه ما يأخذه أولياء الشياطين منهم، قال: فمن أين علم الشياطين ؟ قال: من حيث عرف الأطباء الطب، بعضه تجربة وبعضه علاج)(5)، ومثله خبر العيون، قال: (في قوله (عز وجل): [السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ](6)، قال: بعد نوح قد كثرت السحرة والمموهون، فبعث الله ملكين إلى نبي ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة وذكر ما يبطل به سحرهم ويرد به كيدهم، فتلقّاه النبي (() (7) عن الملكين وأدّاه إلى عباد الله (عز وجل) بأمر الله، وأمرهم أن يقفوا به على السحر وأن يبطلوه، ونهاهم أن يسحروا به الناس، وهذا كما يدل على السم، ما هو ؟ وعلى ما يدفع به غائلة السم – إلى أن قال – [وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ] ذلك السحر وإبطاله [حَتَّى يَقُولاَ] للمتعلم [إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ] وامتحان للعباد ليطيعوا الله في ما يتعلمون من هذا، ويبطلوا به كيد السحرة ولا يسحروهم فلا تكفر باستعماله وطلب الإضرار به، ودعاء الناس إلى أن يعتقدوا أنك به تحيي وتميت وتفعل ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فإن ذلك كفر إلى أن قال [وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ] لأنهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به ويضروا به فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم ولا ينفعهم)(1)، الحديث.

ولأن من تتبّع الطريق والسيَر علم أن له تأثيرات لا تنكر تستند إليه في بعض الأحيان، ويعلم تحقيقها في حق من لم يطّلع عليه، مع ما لَه من المؤيدات من الآيات والروايات، على أنك قد عرفت أن من جملة أقسامه التسخير المشاهَد بالوجدان، ودعوى أن السحر ما أداه للجن من التخيّلات حتى أطاعوه يدفعها أن ظاهرهم كون السحر نفس هذا الأثر الغريب، إلا أن العقل حاكم بأنه لو كان حقيقة لم يمكّن الله تعالى الساحر منه في جميع ما أراد، وإلا لزم الفساد واضمحلال أكثر العباد، ولم يحتج الملوك والأمراء إلى وضع الجهاد، واكتفى الأشقياء بجذب النساء والأولاد إلى اللواط والفجور، واغتنوا بذلك عن الخِطبة وبذل المهور، وصدر من السحّار ما يصدر من القادر المختار مع أنه لا حادث من نفع أو ضرر إلا بقضاء وقدر.

وكيف كان فالظاهر أن منه ما هو تحقيق جزما، و لا حاجة في إثبات ذلك إلى الاستناد إلى ما روي من أن لبيد اليهودي سحر النبي(() فأثر فيه أثراً حقيقياً(2)، كما يظهر من الرواية حتى يدفع ذلك بظهور وضع الخبر وقصور سنده وقدرة النبي (() على الدفع بالدعاء والتعويذ ونحوهما، فلا يمكن أن يُصاب، وأن ذلك منافٍ للعصمة وأنه مـنافٍ للّـطف الـواجب؛ لأن المكلفـين إذا رأوا
(1) طه، 69.

(2) بقرة، 102.

(3) الشيخ الكليني، الكافي، 7 / 260.

(4) الحميري القمي، قرب الإسناد، 152.

(5) خطب الإمام علي (()، نهج البلاغة، 1 / 129.

(6) الشيخ الصدوق، الخصال، 179.

(1) بقرة، 102.

(2) الشيخ الجواهري، جواهر الكلام، 22 / 86.

(1) الشيخ جعفر كاشف الغطاء، شرح القواعد، 58 – 59.

(2) الشيخ الجواهري، جواهر الكلام، 22 / 78.

(3) الفخر الرازي، مفاتيح الغيب ( التفسير الكبير )، 1 / 448.

(5) الشيخ الجواهري، جواهر الكلام، 22 / 79.

(6) الزمر، 9.

(7) في اللأصل( المعملين ).

(8) بقرة، 102.

(1) الشهيد الثاني، شرح اللمعة، 3 / 215؛ الشهيد الأول، الدروس، 3 / 164.

(1) الشيخ الكليني، الكافي، 5 / 115.

(2) الشيخ الصدوق، علل الشرائع، 2 / 546.

(3) بقرة، 102.