پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص135

خامسها: عدّ بعض أصحابنا من المستثنيات الاستفتاء، واستدل على ذلك بقول هند زوجة أبي سفيان (إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي)(3)، مع عدم إنكار النبي (() غيبة أبي سفيان، وهو كما ترى.

أما أولا فلأنها متظلِّمة، فتخرج عن عنوان الاستفتاء إلى عنوان التظلّم، وأما ثانيا فلأن أبا سفيان متجاهر بالفسق، فلعل عدم الإنكار لذلك، فلا دلالة في الخبر المذكور على جواز الاغتياب في الاستفتاء، واستدل بعض أصحابنا على ذلك بخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (() قال: (جاء رجل إلى النبي (() فقال: إن أمي لا تدفع يد لامس، فقال احبسها، قال: قد فعلت، فقال ص: امنع من يدخل عليها، قال: فعلت: قال: فقيّدها؛ فإنك لا تبرّها بشيء أفضل من أن تمنعها عن محارم الله عز وجل)(4).

وفيه أن الخبر المذكور ظاهر في تجاهرها بذلك، ودعوى المستدل – احتمال كونها متجاهرة مدفوع بالأصل – مردودة بظهور الخبر في تجاهرها بذلك، وربما استدل بعض أصحابنا بالسيرة والطريقة، والظاهر أن دعوى السيرة على الجواز مطلقا حتى في مقام لا يتوقف الاستفتاء على ذكر الغير في غاية الإشكال.

فالتحقيق أن يقال: إن المستفتي إن كان مظلوماً، وكان الاستفتاء متضمنا للتظلّم فلا كلام، ومثله ما كان المذكور متجاهراً بالفسق، وإن لم يكن كذلك فإن توقف الاستفتاء على ذكر الغير أمكن القول بالجواز للسيرة والعسر والحرج بدون ذلك، وإن لم يتوقف فالقول بالجواز في غاية الإشكال؛ لأصالة حرمة هتك حرمة المؤمن المستفادة من الأدلة المتقدمة المعتضدة بما سمعت من المؤيدات والله العالم.

سادسها: عدّ بعض أصحابنا من المستثنيات تحذير المؤمن من الوقوع في الضرر الدنيوي والديني كتحذير الناس من الرجوع إلى غير الفقيه مع ظهور عدم قابليته والتعويل على طريقة من يعلم فساد طريقته وأهل التحصيل في بعض القواعد التي تعد من الأباطيل، وأما أهل البدع فقد ورد الأمر بالوقيعة فيهم.