احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص133
أقول: لا وجه للاستناد إلى إطلاق الأدلة المذكورة بعد إدخال التظلّم في موضوع الغيبة؛ لأنه حينئذ يلزم الاقتصار على القدر المتيقَّن في ما خالف أدلة التحريم في غير الإطلاقات، والإطلاقات منصرفة إلى الفرد الظاهر وهو الظالم المتجاهر بالظلم.
نعم يمكن دعوى خروج التظلّم الذي هو مورد الأدلة المذكورة من الموضوع بدعوى أنها منصرفة إلى التظلّم من الظالم المتجاهر بظلمه.
وقد عرفت أن المتجاهر بالفسق لا يدخل ذكره بالسوء في موضوع الغيبة، فحينئذ لا فرق في ذلك – بعد فرض تجاهره بالظلم – بين التظلّم عند من يُرجى لزوال الظلم وبين التظلّم عند غيره، وأما من لم يتجاهر بالظلم فدعوى جواز غيبته أول الكلام ولو عند من يُرجى لزوال الظلم، اللهم إلا أن يُدّعى انعقاد الإجماع على ذلك، فحينئذ الظالم متجاهر ومتستّر، والمتستّر مرة يَعلم المتظلِّم عنده بظلمه ومرة لا يعلم، فالأدلة المتقدمة منزَّلة على المتجاهر أو على من يعلم المتظلِّم عنده بظلمه وإن كان متستّراً، وكلاهما خارجان عن موضوع الغيبة.
وهنا أخبار وردت لا بد من طرحها أو تأويلها، منها ما رواه العيّاشي في تفسيره عنه ((): (من أضاف قوما فأساء ضيافتهم فهو ممن ظلَم فلا جناح عليهم في ما قالوا فيه)(3)، وما رواه في المجمع (إن الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته، فلا جناح عليه في أن يذكر ما فعله)(4)، فلا بد في الخبرين المذكورين حمل الإساءة على كونها ظلما وهتكا لاحترامهم، أو أن ما يذكرونه فيه ليس من الغيبة.
وكيف كان فعلى القول باستثناء التظلّم من حكم الغيبة، لا بد من الاقتصار على خصوص ظلم الظالم، بل على خصوص ما ظلمه به، فلا يجوز التعدّي عن ذلك اقتصارا على القدر المتيقَّن في ما خالف الأدلة العقلية والنقلية المتقدمة، كما أن الظاهر عدم جواز سماع التظلّم قبل تحقق الظلم، ولا تكفي دعواه في ذلك إلا إذا أفادت القطع.
رابعها: عدّ بعض أصحابنا (() من المستثنيات غيبة المتجاهر بالفسق استنادا إلى بعض الأخبار التي منها خبر هارون بن الجهم (إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة)(1)، وقوله ((): (من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له)(2)، وخبر أبي البختريّ (ثلاثة ليس لهم حرمة .
.