پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص130

أحدها: غيبة من فسدت عقيدته حتى خرج عن ربقة الدين ودخل في قسم الكفار والمشركين للأصل والاقتصار على القدر المتيقَّن من دليل المنع؛ ولأن حديث هجاء المشركين يدل بالأولى على جواز غيبتهم؛ ولاستمرار السيرة والطريقة على لعنهم والطعن فيهم، بل حلْية مجالس المؤمنين ونزهة الأبرار والمتقين ذكرُ معايب الكفار والمشركين، وما دل من النصوص على المنع بلفظ الناس مقيد بمفهوم ما قصر فيه المنع على غيبة المؤمن والمسلم، وهو وإن كان مفهوما إلا أنه معتضد بما سمعت مع كونه أخص مطلقاً.

ثانيها: من فسدت عقيدته حتى خرج عن ربقة المؤمنين ودخل في قسم المخالفين.

قال بعض المتأخرين بعد أن جوّز هجاءهم (وأولى من ذلك غيبتهم التي جرت سيرة الشيعة عليها في جميع الأعصار والأمصار علمائهم وعوامهم حتى ملئوا القراطيس منها، بل هي عندهم من أفضل الطاعات وأكمل القربات، فلا غرابة في تحصيل الإجماع كما عن بعضهم، بل يمكن دعوى كون ذلك من الضروريات فضلا عن القطعيات) إنتهى(1).

أقول: لاشك أن ظاهر كلام الأصحاب في هذا الباب وفي باب الهجاء(2)، لأنهم بين مصرح بالجواز وبين من يظهر منه ذلك، وكأن المنشأ في ذلك الأصل وظواهر الأخبار؛ لأنها وإن وردت أكثرها بلفظ المسلم إلا أن المراد منه معنى المؤمن كما يقضي بذلك ذكر لفظ المؤمن في جملة منها، لا أقل من تقييد إطلاق المسلم بمفهوم المؤمن المعتضد بما سمعت، ولعلهم فهموا ذلك من لفظ الأخوة؛ لأن المخالف ليس من أخوة المؤمن، مضافاً إلى الأخبار المتضافرة الواردة بلعن المخالفين، وأنهم أشر من اليهود والنصارى وأنجس من الكلاب، فإنها تدل على الجواز صريحاً أو فحوىً كالنصوص المطلِقة للكفر عليهم وهي كثيرة جدا، فهي تدل من جهة الفحوى ومن أن إطلاق الكفر عليهم حقيقة، إما لكفرهم حقيقة أو لمشاركتهم للكفار في أحكامهم إلا ما خرج بالدليل.

وكيف ما كان (فهي( تدل على المطلوب.

ومع هذا كله فالعجب من المولى الأردبيلي (() حيث قال في مجمع البرهان: (الظاهر أن عموم أدلة تحريم الغيبة من الكتاب يشمل المؤمنين وغيرهم؛ فإن قوله ــ جل شأنه ــ [وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا](1)، إما للمكلفين كلهم أو للمسلمين فقط لجواز غيبة الكافر، وكذا الأخبار فإن اكثرها بلفظ الناس والمسلم )(2)، إلى أن قال: (وكما لا يجوز أخذ مال المخالف وقتله لا يجوز تناول عرضه)(3)، ثم قال: (وظني أن الشهيد في قواعده جوّز غيبة المخالف من جهة مذهبه ودينه لا غير)(4)، وكأنه مال إلى ذلك صاحب الكفاية(5).