احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص107
والظاهر أن الأخبار المتقدمة محمولة على الكراهة كما يقضي بذلك قوله ((): (لا أحب أني عقدت لهم عقدة أو وكيت لهم وكاءاً)(2)، في حق سلاطين الجور أيضا من المخالفين وهم الذين كانوا في زمن صدور الأخبار، وأما سلاطين أهل الحق فالظاهر عدم كراهة إعانتهم على المباحات و(عدم)(3) كراهة الأعمال المباحة لهم، لكن لا على وجه يعد من أعوانهم ومقوّية سلطانهم، بل لا يبعد عدم الحرمة في حب بقائهم، خصوصا إذا كان بقصد صحيح كإعلاء كلمة أهل الحق وعزهم.
النوح بالباطل
ومن جملة ما يحرم التكسب به النوح بالباطل، أما إذا كان بالحق فلا بأس بالتكسب به للجمع بين ما دل من الأخبار على الجواز وما دل على المنع بحمل ما دل على الجواز على النوح بالحق، وما دل على المنع على النوح بالباطل.
أما ما دل على الجواز فأخبار منها خبر يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله (() قال: (قال لي أبي: يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا لنوادب يندبنني عشر سنين بمنى بأيام منى)(1)، وخبر أبي حمزة عن أبي جعفر ((): (قال: مات الوليد بن المغيرة، فقالت أم سلمة للنبي ((): إن آل المغيرة قد أقاموا مناحة، فأذهبُ إليهم ؟ فأذن لها فلبست ثيابها وتهيأت، وكانت من حسنها كأنها جان، وكانت إذا قامت فأرخت شعرها على جسدها وعقدت بطرفيه خلخالها، فندبت ابن عمها بين يدي رسول الله (() فقالت :
أنعى الوليد بن الوليد
(أبا الوليد) فتى العشيرة
حامي الحقيقة ماجد
يسمو إلى طلب الوتيرة
قد كان غيثا في السنين
وجعفرا غدقا وميرة
فما عاب رسول الله (() ذلك ولا قال شيئاً)(2)، وخبر أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله ((): (لابأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت)(3)، و سئل الصادق (() عن كسب النائحة فقال: (لا بأس به، قد نيح على رسول الله (())(4)، هذا مضافاً إلى السيرة القطعية ونوح فاطمة (() على أبيها، مما حكاه المخالف والمؤالف، ونوح الفاطميات على سيد الشهداء بكربلاء مما لا ينكر.