احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص106
ان أعوان الظلمة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد)(2)، وعنه (() انه قال: (يا عذافر نبئتُ أنك تعامل أبا ايوب والربيع، فما حالك إذا نودي بك في أعوان الظلمة ؟)(3)، وعن ابي الحسن الاول (() لصفوان: (كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً، فقلت: جعلت فداك، أي شيء ؟ قال: أكراؤك جمالك من هذا الرجل- يعني هرون – قلت: والله ما أكريته اشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو، ولكن أكريته لهذا الطريق ــ يعني طريق مكة ــ ولا أتولاه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني، فقال: ياصفوان أيقع كراك عليهم ؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراك ؟ فقلت: نعم، فقال: من أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان ورد النار، قال صفوان: فذهبت فبعت جمالي عن آخرها، الخبر )(1) إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على حرمة إعانة الظلمة مطلقاً، وهم حكام الجور من المخالفين المدّعين للخلافة والإمامة، ويؤيدها الاعتبار.
ومن هنا نقل عن العلامة الطباطبائي أنه إذا انعقد إجماع على هذا التفصيل، وإلا فالمتجه التحريم مطلقا(2)، لاستفاضة النصوص في المنع عن إعانتهم في المباح بطريق العموم والخصوص مع اعتبار سندها وموافقتها الاعتبار، فإن إعانتهم في المباحات تفضي إلى إعانتهم في المحرمات كما أشير إليه في الخبر (لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويجبي لهم الفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعاتهم ما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم )(3) ولولا أن ذلك لا ينفك عن الميل والركون إليهم وحب بقائهم كما أشير إليه في رواية صفوان وغيرها وقد قال تعالى: [وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ](4) قلت: لو حرمت إعانتهم على المباح والأفعال المباحة لهم مطلقا كما هو مورد الأخبار لم يقم للمسلمين سوق.
كيف والدراهم والدنانير وأكثر ما يخرج من المعادن المنطبعة مما تصل إلى أيدي الناس من أيديهم وبالمعاملة معهم، وكذا الزراعات وتوابعها مما تكون غالبا معهم، على أن سد باب المعاملة معهم مثير للفساد وباعث على أذية العباد، خصوصا من الفرقة المحقة.
وكيف يخطر بالبال ويجري في الخيال أن أئمتنا مع حثهم لنا تشييع جنائز القوم وعيادة مرضاهم والصلاة معهم وإظهار المحبة لهم يأمروننا بتجنب معاملتهم وترك الدخول معهم في مباحاتهم والتنفر منهم ظاهرا والتباعد عنهم، وكثرة الأخبار على حد يبعد خفاؤها على الأصحاب مع تركهم العمل بظاهرها يرفعها عن الاعتبار، فلا بد من تنزيلها إما على إرادة قصد المعونة لهم على ظلمهم فيدخل في ما قصد به الحرام، أو على حصول الميل لهم فيدخل في الركون أو على من أعد نفسه لذلك بحيث يعد من أعوانهم كخياط السلطان، فإن (من علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من نار يسلطه الله عليه يوم القيامة في نار جهنم)(1)، وإلا فالأخذ بظاهر الأخبار مما لا وجه له، وكفى بالسيرة القطعية المأخوذة خلفا بعد سلف شاهدا على ما ذكرنا وأوضحنا.
والذي يظهر أن الذين أمرنا بزيادة التنفر منهم والتباعد عنهم وألا نحب بقاءهم وأن نحب فناءهم هم أهل الباطل، وأما من كان من أهل الحق وإن حصل منه ظلم لا تشمله الأخبار.