پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص103

وأما الأول من الثاني فقوله تعالى: [وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(2)، ولأن الإعانة تستلزم الركون، وقد قال تعالى:[ وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ](3) ، وأما الثاني من الثاني فالأخبار المستفيضة التي كادت أن تكون متواترة التي منها خبر أبي حمزة عن علي بن الحسين (() قال: (إياكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين)(4)، وخبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (() قال: (إن العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم )(5)، وخبر أبي يعفور عن أبي عبد الله (() قال: (ان أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من النار حتى يحكم الله بين العباد)(6)، وخبر يونس بن يعقوب قال: (قال لي أبو عبد الله ((): لا تعنهم على بناء مسجد)(7)، وخبر السكوني عن جعفر بن محمد (() عن آبائه (() قال: (قال رسول الله (() إذا كان يوم القيامة نادى مناد، أين أعوان الظلمة ؟، ومن لاق لهم دواة أو ربط كيساً أو مد لهم مدة قلم، فاحشروهم معهم)(1)، وما رواه ورّام بن أبي فراس في كتابه قال: (قال (() من مشى إلى ظالم ليعينه، ويعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام)(2)، قال: وقال ((): (إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة وأعوان الظلمة (وأشباه الظلمة) حتى من برى لهم قلما ولاق لهم دواة فيُجمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم)(3)، إلى غير ذلك من الأخبار التي تجوز حد الإحصاء التي لا يعبأ بضعف أسانيد بعضها بعد اعتضاد بعضها ببعض.

وأما الثالث: فهو الإجماع المنقول على لسان جماعة من الفحول، بل ربما يمكن دعوى صدق اسم الظالم على الظلم في بعض الموارد كما يصدق اسم المتلف على موجد سبب الإتلاف، وذلك كمل لو أعان بإيجاد السبب القريب.

وعلى هذا فكل ما دل على حرمة الظلم يدل عليه.

والحاصل إن حرمة إعانة الظلمة مما لا كلام فيها، حتى أن جمعا من أصحابنا عدوها من الكبائر، بل في رواية سليمان الجعفري المروية عن تفسير العياشي (إن الدخول في أعمالهم والعون لهم والسعي في حوائجهم عديل الكفر والنظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحق بها النار)(4)، وحيث ثبت أن معونة الظالمين من المحرمات فلا بد من التأمل في مقامات :

أحدها: أنه لا معنى لعد كل ما له مدخلية في حصول الفعل وتحققه من الإعانة عليه، ضرورة أن شرائط الفعل التي لا يمكن وجوده بدونها وموانعه التي لا يمكن صدوره بدون عدمها من الأشياء التي لا يمكن استقلال الإنسان بها وصدورها جميعا منه.

فدعوى – أن كل من أوجد شيئا من شرائط الفعل أو فعل شيئا من موانعه كان معينا على إيجاد ذلك الفعل – شطط من القول؛ انه يلزم على هذا أن يكون كل الناس من أعوان الظلمة أو جلهم، على أن قضية الرجوع إلى العرف في معنى المعونة تكذب هذه الدعوى.

ألا ترى أنه لا يصدق على صانع السيف أنه معين للقاتل به ولا على باني الدار أنه معين لصانع الخمر فيها، ولا بائع الخشب ممن يعمله صنما أو صليبا أو بائع العنب ممن يعمله خمرا أنه معين على ذلك.

ولو كان كذلك لكان واجد الوجود – جل وعلا – معين على الإثم، لأنه خالق الأسباب والآلات، فليست الأمور المذكورة من الإعانة جزما، بل هي من الأمور المباحة، والظالم مكلف بالترك، فلا بد من ميزان يرجع إليه في أمثال هذه المقامات، وليس سوى العرف، والظاهر أن الافعال في العرف قسمان: