احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص79
والنصوص بذلك مستفيضة، منها خبر المناهي عن الحسين بن زيد(1)عن الصادق ((): نهى رسول الله (() عن التصاوير، وقال: من صوّر صورة كلفه الله تعالى يوم القيامة أن ينفح فيها، وليس بنافخ، ونهى أن يُنقش شيءٌ من الحيوان على الخاتم)(2)، ومنها خبر محمد بن مروان عنه (() ايضاً: (ثلاثة يُعِذَّبون يوم القيامة: من صوّر صورة الحيوان يُعذَّب حتى ينفخ فيها)(3)، ومنها المرسل عن ابن عباس عن النبي ((): (من صوّر صورة عُذًّب وكلَّف أن ينفخ فيها، وليس بفاعل)(4)، ومنها صحيح محمد بن مسلم (سألت أبا عبد الله (() عن تمثيل الشجر والشمس والقمر، فقال :لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان)(5)، ومنها صحيح محمد بن أبي العباس عن ابي عبد الله (() في قول الله عزّ وجلّ [يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ](6) فقال: (والله ما هي تماثيل الرجال والنساء، ولكنها الشجر وشبهه)(7)، ومنها خبر تحف العقول فان فيه (وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن فيه مثال الروحاني فحلال تعلمه وتعليمه)(8)، وربما يشعر بذلك صحيح زرارة عن أبي جعفر ((): (لا بأس بتماثيل الشجر)(9)، الى غير ذلك من الاخبار.
والمناقشة فيها من حيث السند مما لا وجه لها بعد انجبارها بما سمعت من الاجماع المحصل فضلا عن المنقول، كما أن المناقشة في دلالتها من الهذر؛ لأن الصورة إما خاصة بالمجسمة أو ظاهرة فيها.
وكيف كان فهي نص في الصور المجسمة، فلا ينبغي الريب في ذلك ولا التأمل.
واما الصورة الثانية: وهي الصورة غير المجسمة لحيوان مجسم، فذهب جمع من اصحابنا الى تحريم عملها، وهو المنسوب الى ظاهر الشيخ في النهاية(1)، وصريح السرائر(2)، والمحكي عن حواشي الشهيد (() والميْسيّة والمسالك(3)، وايضاح النافع والكفاية ومجمع البرهان، وتبعهم على ذلك جمع من المتأخرين منهم شيخنا المعاصر(4) (سلمه الله) وأستندوا في ذلك الى بعض الاخبار، فمنها قوله ((): (نهى ان يُنقش شيءٌ على الخاتم)(5)، ومنها قوله (نهى عن تزويق البيوت، قلت: وما تزويق البيوت ؟ قال: تصاوير التماثيل)(6)، ومنها خبر تحف العقول حيث قال فيه: (وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثال الروحاني)(7)، ومنها قوله ((): (من جدّد قبرًا ومثّل مثالاً فقد خرج عن الاسلام)(8)، ومنها صحيح ابن مسلم (سالت أبا عبد الله (() عن تماثيل الشجر والشمس والقمر، قال لا بأس ما لم يكن شيئاً من الحيوان)(9).
وتوجيه الاستدلال ان النقش والمثال والتمثال إما صريح في الصورة غير المجسمة أو ظاهر فيها خصوصا بعد أن نهى عن النقش على الخاتم فإن النقش على الخاتم صريح في ذلك، كما أن تزويق البيوت كذلك، كما أن ذكر الشمس والقمر في خبر محمد بن مسلم قرينة واضحة على إرادة مجرد النقش.
واستدلوا أيضا بالاخبار المتعددة (من صّور صورة كلفه الله تعالى يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ)(1)، قالوا واستظهارُ – اختصاصها بالمجسمة من حيث ان نفح الروح لا يكون الا في الجسم، وكونُ النقش مما ينفخ فيه خلافُ الظاهر – لا وجه له، لامكان النفخ في النقش باعتبار محله بل يمكن بدون ذلك الاعتبار، بل بملاحة لون النقش الذي هو في الحقيقة أجزاء من الصبغ، كما أمر الامام (() الاسد المنقوش على البساط بأخذ الساحر بمحضر الخليقة(2).
والحاصل ان جعل النفخ – فيه قرينة على أرادة خصوص المجسم من الصورة لا في غيرها؛ لأن غيرها لا ينفخ فيه بعيدٌ كل البعد.