احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص76
والمناقشة في دلالة الاخبار بإمكان حملها على توهم البائع أن المشتري يعمله خمراً أو على ارادة رجوع الضمير الى مطلق العصير لا التمر المبيع، في خبر أبن أذينة بأحتمال عمل الخمر فيه لأرادة التخليل أو الجبر عليه أو على كونه لأهل الذمة الذين لهم أن يفعلوا ذلك أو على عدم العلم بحمله في خبره الآخر، كله كما ترى.
مما لا يجوز التكسب به مما لا ينتفع به
وتنقيح المسألة أن الاعيان التي يكتسب بها إما أن تكون مما لا ينتفع بها أصلا أو تكون مما ينتفع بها منفعة غير مستحسنة عند العقلاء كاللعب ونظائره، أو تكون مما ينتفع بها عند العقلاء منفعة مستحسنة، ولكنها غير مقصودة للعقلاء في المعاوضات ونحوها، أو تكون مقصودة للعقلاء في المعاوضات.
أما الاول: وهو ما لا ينتفع به أصلا، فلا يقبل الملك لعدم صدق اسمه عليه عرفا ولعدم شمول أدلة الملك من قبيل الحيازة ونحوها له ولا يقبل التمليك؛ لأن ما لا يقبل الملك لا يقبل التمليك لا مجانا ولا بالعوض؛ لأنه من جملة شروط التمليك، والمفروض عدمه، ولاصالة عدم تأثير الاسباب المملكة المتعلقة به.
هذا كله إن قلنا إن من الاعيان ما لا ينتفع به أصلا والا كانت المسألة فرضية.
وأما الثاني: وهو ما ينتفع به منفعة غير مستحسنة، فهو كما لا منفعة فيه أصلا؛ وذلك لأن المدار في المنفعة وعدمها على المنفعة المستحسنة المعتبرة عند العقلاء
وأما الثالث: وهو ما ينتفع به منفعة مستحسنة عند العقلاء لكنها غير مقصودة في باب المعاوضات، فإما أن يكون عدم اعتبار المنفعة عند العقلاء في باب المعاوضات لخسته أو لقلته، أما الاول كالبصاق وغيره من فضلات الانسان كالشعر ونحوه والقمل ونحوه، فالظاهر انه لا يملك لعدم شمول أدلة الملك له، وعدم صدق اسم الملك عليه.
نعم يثبت حق الاختصاص فيه على الظاهر لصدق الظلم بأخذه ممن هو في يده قهرا مع الاحتياج اليه، ولا يترتب عليه ضمانٌ بأتلافه، فلا يقبل التمليك لا مجانا ولا بالعوض، كما لا يخفى.
وأما ما لا ينتفع به لقلته كحبة الحنطة ونحوها، فالظاهر أنه مملوك لاستصحاب الملك في صورة بقاء الحبة بعد تلف الباقي؛ ولأنه يلزم – على القول بعدم الملك إنْ جَمَعَ مقدارا من الحنطة حبة حبة – ألا يكون مالكا لشيء، وهو واضح البطلان، واحتمال ان للهيئة الاجتماعية مدخلا في حصول الملك كما ترى.
وقيل بعدم قبوله الملك، وهو مما لا وجه له.