پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص56

احدها: مصير معظم الاصحاب اليها وبناؤهم عليها، فان الفقهاء لم يزالوا كافة يستدلون في ابواب الفقه بالنهي على الفساد، وهو واضح لمن تتبع، ولا نقول بأنه دال على الفساد شرعاً، كما ادّعاه المرتضى(2) (() حتى يستلزم النقل في مدلول النهي، بل الظاهر انه على معناه اللغوي والعرفي، لكن هذا التمسك والاجماع كاشف إما عن وجود قرينة عندهم أو دليل يدل على ذلك، فيكون النهي أمارة محققة للموضوع والعلم بالفساد للقاعدة المذكورة، ولو كان ذلك لدلالة النهي على الفساد لما استدل به من منع دلالة النهي على الفساد، وحيث كان أصحابنا متسالمون على الفساد فيما لو تعلق النهي باركان المعاملة دون ما لو تعلق بأمر خارج، يكشف ذلك عن ثبوت القاعدة المدلول عليها عندهم في خصوص ما لو تعلق النهي بالاركان، بل بتتبّع كلامهم فيما لو تعلق النهي بامر خارج وحكمهم بعدم الفساد في ذلك يقتضي عثورهم على الدليل أو القرينة في خصوص ما لو تعلق النهي بالأركان فتبصّر.

ثانيها: الاجماع الذي حكاه المرتضى(1) وغيره على ذلك فإنْ أراد به الاجماع على الفساد المنهي عنه فهو مسلّم ولا يستلزم دلالة النهي على الفساد فتتم حجة لنا على المطلوب، وإن أراد به الاجماع على دلالة النهي على الفساد فهو ممنوع لمصير المشهور الى عدم دلالة النهي على الفساد، فحينئذ ناخذ به في فساد المنهي عنه دون دلالة النهي على الفساد فتأمل.

وكون مورده أعم من القاعدة المذكورة لحكايته على فساد المنهي عنه مطلقا وإن لم يكن النهي متعلقا بالاركان لا يضر في الاستدلال.

ثالثها: الاستقراء، فانّا وجدنا كثيرا من المعاملات المنهي عنها لركنها فاسدة بحيث لم يبق لنا بحث في فسادها، بل كان فسادها أمرا معلوما، إما من اجماع أو غيره، فاذا كان الغالب في المنهي عنه لذلك ذلك كان المشكوك به ملحقا بالأعم الاغلب وإن لم يدل دليل خاص على فساده، والظاهر حجية الغلبة في مثل المقام.

رابعها: الاخبار الواردة في نكاح العبد بغير اذن سيده، وانه يصح معللا ذلك بأنه (ما عصى الله وانما عصى سيده)(2)، فان الظاهر من التعليل أن كل عقد مشتمل على معصية يكون فاسداً.

فان قلت: إن معصية السيد معصية الله ايضاً، فينبغي أنّ يكون العقد فاسدا، قلت: الظاهر من التعليل أنّ ما كان معصية الله ابتداءاً – كأنْ كانَِ محرما بأصل الشرع – كان فاسداً، بخلاف ما لو كان التحريم لأمر خارج فانه لا يفسد كما يقضي به قوله: (وانما عصى سيده)، وهذا إنما يدل على ما ذكرناه من القاعدة، لأنّا إنما أثبتناها في ما لو كان التحريم ناشئاً من احد أركان المعاملة، وحيث كان نكاح العبد ليس فيه تحريم من أصل العقد ولا من أحد أركانه، وانما هو من أمر خارج وهو عدم إذن المولى لم يكن فاسدا.

وهذا لا ربط له بدلالة النهي على الفساد، بل يكون النهي دالا على تحريم المعاملة، والاخبار المذكورة دالة على فساد كل معاملة محرمة باصل الشرع، فالاخبار الواردة منشأ القاعدة المزبورة.