پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص7

فأن قلت: على تقدير كون المناط هو الحكم الناشئ عن ذات الموضوع لاوجه لتثليث القسمة أيضا، لأن ذات الموضوع قد تكون منشأ لوجوب الاكتساب كما تكون منشأ لتحريمه، وكذلك قد تكون منشأ للأستحباب، وذلك كعمل الصنائع التي هي من الواجبات الكفائية فان وجوبها كفاية مع وجود مَنْ به الكفاية والتعدد، وعينا عند الانحصار إنما نشأ من نفس تلك الاعيان التي تعلق بها العمل والصنعة، لان أحتياج الناس الى المنازل والبيوت لموقوفة على الحدادة والنجارة والبناء هو الذي اوجب هذه الاعمال.

فوجوب هذه الاعمال أنما نشا من موضوعاتها التي تتعلق بها هذه الاعمال وتدعو اليها، ويمكن فرضها بعنوان الاستحباب كما في صورة قيام من به الكفاية مع دفع الحاجة بحسبها وأستحباب مباشرتها لشخص آخر للتوسعة على الناس في أمور معاشهم فلا وجه لتثليث القسمة.

قلت: الظاهر ان هذه الصنائع سواء فرضت واجبة او مندوبة، لم ينشأ حكمها من الاعيان التي تعلقت بها هذه الاعمال بل انما نشأ من عموم وجوب دفع حاجة الناس وحفظ النظام، وليست خصوص العين المحتاج اليها عند الناس منشأ لوجوب هذه الاعمال بل الموجب هو الحاجةُ والادلةُ الدالة على وجوب دفعها عن الناس حفظا للنظام.

ولو فرض ان هذه الاحكام انما نشأت من الاعيان فلا حاجة الى التمثيل بالصنائع، بل المعاوضةُ لقوت العيال أيضا كذلك، فان حاجة العيال الى الطعام والى الخبز بالخصوص دعت الى وجوب شراء الطعام والخبز، فيكون الوجوب ناشئا من الطعام والخبز، وهو كما ترى وعلى كل حال فلتثليث القسمة وجه، وتخميسها بالاعتبار الذي ذكرناه أََوجُه والامر في ذلك سهل، إنما الاشكال في عدَّ المباح من جملة أقسام التجارة، مع أن المباح في الاصطلاح هو ما تساوى طرفاه ذاتا من دون رجحان ولا مرجوحيةَ في الذات.

وما كان في ذاته راجحا او مرجوحا خرج عن كونه مباحا اصطلاحا وان كان متساوي الطرفين من حيث العوارض الخارجية.

والمفروض أن التجارة مما تضافرت الاخبار الواردة عن الائمة الاطهار، وانعقد الاجماع قديما وحديثا على انها من المستحبات المؤكدة والاعمال الممدوحة، فحيث لا تكون محرمة ولا مكروهة فهي مستحبة، فلا معنى لعد المباح من اقسامها، ويمكن التخلص عن هذا الاشكال بوجوه:
أحدها: حمل كلامهم هنا في عدّ المباح من اقسام التجارة على الإعراض عن تلك الأخبار الدالة على استحباب التجارة وعدم تلقيها بالقبول وعدم الاعتناء بشأنها وإن تكثّرتْ وتضافرت، وهو كما ترى؛ إذ الاعراض عن تلك الاخبار وعدم الالتفات اليها انما يكون مستحسنا حيث ينعقد الاجماع على ذلك، وإلاّ فهي صحيحة سليمة عن المعارض صريحة في المطلوب، فكيف والاجماع منعقد على العمل بتلك الاخبار قديما وحديثا كما سمعت.