پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص6

وقد يدُفع الاشكالُ بانّ اتصاف العين باحد الاحكام انما يكون باعتبار تعلق فعل المكلف بها أيضا، فهي في حد ذاتها لا تنقسم الى هذه الاقسام ولا تتصف بهذه الاحكام، ولكنها قد تتصف وتنقسم باعتبار تعلق فعل المكلف بها أيضاً، وهو المقصود هنا، فيكون نظر المحقق(1) (() في تثليث القسمة انما هو انقسام الاكتساب بأعتبار الموضوع كما يرشد الى ذلك جعل الضمير راجعا الى ما يكتسب به.

والظاهر أن الاقسام بأعتبار الموضوع ثلاثة لاغير، فلا ينافي ذلك أنقسام مطلق الاكتساب كما صنعه جماعة منهم العلامة في القواعد، وجعلوا من أقسام الواجب ما يحتاج اليه الانسان لقوته وقوت عياله(2) الواجبي النفقة، ومن المندوب ما يقصد به التوسع على العيال او نفع المحاويج مع حصول قدر الحاجة بغيره(3) إذا لم ينافِ شيئا من الواجبات، إذ نظرهم إلى أنّ الاكتساب من جملة موضوع الفقه الذي تتعلق به الاحكام الخمسة، سواء كان الحكم ناشئا من خصوص الموضوع أو من غيره.

ونظر من ثلّث القسمة الى الحكم الناشئ من خصوصِ الموضوع، ويشير الى ذلك جعل الضمير في عبارة المحقق راجعا الى ما يكتسب به وجعل المقسم موضوع التجارة في عبارة غيره.

والظاهر أن الأحكام التي تنشأ من الموضوع خصوص الثلاثة المذكورة، لان الواجب الذي مثّلوا به لا يتعلق بخصوص عين خاصة، وإنما يجب الاكتساب لتحصيل القوت من غير فرق بين الأعيان، فليس ذلك كالمحرم من التجارة وكذلك المستحب، فأنه لا يتعلق بعين خاصة بحيث يستحب التكسب بها بخصوصها، وإنما المستحب الاكتساب بأي عين كانت لنفع المحاوَيج، فحينئذٍ لا منافاة بين كلام من ثلّث القسمة وخمسّها.

فأن قلت: أن العين من حيث هي لا يتعلق بها شيء من الاحكام كما ذكرت وانما يتعلق بها الحكم من حيث فعل المكلف من غير فرق بين الوجوب
والاستحباب وغيرهما.

فشراء المكلف إذا تعلق بعين من الاعيان لقوت نفسه عند الحاجة كان واجبا، فتتصف تلك العين بالوجوب باعتبار وجوب فعل المكلف المتعلق بها، وكذلك المندوب فلا وجه لتثليث القسمة.

قلت: وإن كان المتصف بالحكم هو فعل المكلف والعين من حيث هي لا تتصف بشيء من الحكام، ولكن الحكم مرة ينشأ من نفس الموضوع كحرمة بيع الخمر وكراهة بيع الاكفان، فانَّ الحرمة والكراهة إنما تنشأ من الخمر والكفن، ومرة ينشأ الحكم من عموم الخطاب بتحصيل النفقة كشراء الثياب للعيال عند الاحتياج اليها، فانّ وجوب الشراء لم ينشأ من الثياب، وأنما نشأ من عموم الخطاب بوجوب تحصيل النفقة والكسوة لواجبي النفقة، والفرق بين الامرين واضح.