الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2151
وقال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة أنه قال: (يا بن آدم أنفق أنفق عليك) وقال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (قال جبريل: قال الله عز وجل إن هذا دين ارتضيته لنفس، ولا يصلحه إلا السخاء، وحسن الخلف، فأكرموه بهما ما استطعتم) وقال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (ما جبل الله عز وجل ولياً له إلا على السخاء، وحسن الخلق). وقال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (إن الله جواد يحب الجواد، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها) وقال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (طعام الجواد دواء، وطعام البخيل داء). ولقد نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن البخل وذم الشح، فقد روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قال: (اتقوا الظلم، فإن الظلمات لمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فأن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم) وقال صلى اللّه عليه وسلم: (ثلاث مهلكات شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه) قال صلى اللّه عليه وسلم: (خصلتان لا يجتمعان في مؤمن، البخل ، وسوء الخلق).
وقال صلى اللّه عليه وسلم: (لا يدخل الجنة بخيل، ولا جبار، ولا منان، ولا سيء الملكة) وقال صلى اللّه عليه وسلم: ( اللهم إني أعوذ بك من البخل). وابن السبيل هو المسافر المجتاز الذي قد فرغت نفقته، فيعطى ما يوصله إلى وطنه وكذا الذي يريد سفراً في طاعة، فيعطى ما يكفيه في ذهابه وإيابه، ويدخل في ذلك الضيف كما قال على بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ابن السبيل هو الضيف الذي بالمسلمين فمن منع ابن السبيل من فضل ماله، وهو قادر على ذلك فقد أرتكب كبيرة من كبائر الذنوب ، وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف.
الكبيرة الثامنة عشرة
عقوق الوالدين
قال العلماء في عقوق الوالدين أن يقسما عليه في حق فلا يبر قسمهما، وأن يسألاه في حاجة فلا يعطيهما، وأن يأمناه فيخونهما، وأن يجوعا فيشبع ولا يطعمهما، وأن يسقياه فيضربهما وهو من أكبر الذنوب التي حرمها اللّه تعالى، لأن اللّه تعالى أمر عباده بعبادته أولاً، ثم أمرهم بعد عبادته بالإحسان إلى الوالدين وبرهما، وطاعتهما.
فقال تعالى: واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً
وقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً
فكما أن الشرك باللّه تعالى وترك عبادته من أكبر الكبائر، كذلك ما قرن به وهو الإحسان إلى الوالدين فرض. وعقوقهما من أكبر الكبائر التي نهى اللّه تعالى عنها، بل إن الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه ذكر أن من أكبر الكبائر الشرك باللّه، ثم أردفه بعقوق الوالدين، وقدمه على جميع الكبائر. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “الكبائر الإشراك باللّه وعقوق الوالدين وقتل النفس، واليمين الغموس” رواه الإمام البخاري في صحيحه.
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول اللّه وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه” رواه البخاري ومسلم وروي عن رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه أنه قال: “إن اللّه حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً، وهات، ووأد البنات، وكره لكم قيل، وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال” رواه البخاري ومسلم.