الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2032
الشافعية، والحنابلة رحمهم اللّه – قالوا: إذا قطع الرجل يد شخص، ثم بعد القطع قتل الشخص القاطع، الشخص المقطوعة يده، فإنه يجب أن تقطع يد القاطع اولاً، ثم بعد القطع يجب أن يقتل حداً طلباً للمماثلة، قال تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم
.
وإن قطع رجل يد شخص آخر، فمات المقطوعة يده من ذلك القطع بسبب السراية، فقطع يد الرجل القاطع، فإن مات الجاني الذي قطعت يده بسبب السراية فالأمر ظاهر، وهو المطلوب من مراعاة القصاص، وإن لم يمت بقطع يده، قتل لتحقق الممالثلة بالقصاص.
قالوا: ويجوز للولي أن ينتظر للولي أن ينتظر بعد القطع هل يموت سرايةن أم لا؟ فله بعد ذلك المبادرة إلى حز بقبته بالسيف قصاصاً، ويجوز له حزها ابتداء كما في المسألة الولى لا ستحقاقه له.
قالوا: لو جرح إنسان شخصاً جراحة واحدة، وجرحه شخص آخر بعد مائة جراحة، ومات بسبب الواحدة والمائة، وكانت تلك الجراحة الواحدة، والجراحات المائة لو انفردت كل منهما لقتلت، لزم صاحب الجراحة الواحدة، وصاحب المائة جراحة، القصاص مطلقاً سواء تواطآ على قتله معاً، أم لا؟ إذ رب جرح له نكاية في الباطن، اخطر من جروح متعددة، فإن كان فعل كل واحد منهما لا يقتل لو انفرد عن الآخر، لكنه له دخل في القتل. ففيه تفصيل، فإن تواطآ قتلا وإلا فلا يقتلان، وتجب عليهما الدية لأنه شبه عمد. وإن كان جرح أحدهما يقتل لو انفرد وجرح الآخر لا يقتل لو انفرد، لكن له دخل في القتل، فلك حكمه، فصاحب الأول يقتل مطلقاً والثاني يقتل إن كان متفقاً على قتله، وإن لم يكن متفقاً فلا يقتل، وتجب عليه حصته من الدية.
وأما إذا كان ضرب أحدهما خفيفاً، بحيث لا يؤثر في القتل اصلاً، كالضرب بطرف الثوب مثلاً، أو الضرب بسوط صغير، فإنه لا شيء على صاحبه، فلا دخل له في قصاص، ولا دية وموته موافقة قدر.
وأما إذا قطع الجاني الثاني بجنايته، جناية الأول، بأن يقطع الأول من المجني عليه يده، أو رجله مثلاً، ويقطع الثاني رقبته، أو يقده نصفين، فالأول جارحن عليه قصاص اليد أو الرجل، أو ديتها، والثاني قاتل، لأنه قطع جناية الأول، وأزهق روحه فيجب عليه القصاص دون الأول.