پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1969

قالوا: ولن الجناية بالعمدية تتكامل، وحكمة الزجر عليها تتوفر، والعقوبة المتناهية لا شرع لها دون ذلك.

وأما السنة فقوله صلوات اللّه وسلامه عليه: (من قتل قتلناه) وقوله لعيه الصلاة والسلام: (كتاب اللّه القصاص) وقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه، إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) واتفق عليه.

وروي عن عائشة رضي اللّه عنها عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (لا يحل قتل مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال، زان فيرجم، ورجل قتل مسلماً متعمداً فيقتل، وجل يخرج عن الإسلام، فيحارب اللّه ورسوله، فيقتل، أو يصلب، أو ينفى من الأرض) رواه أبو داود، والنسائي، وصححه الحاكم، والأحاديث في ذلك كثيرة.

وعليه إجماع الأمة من غير مخالف منه، ويؤيده العقل السليم، لأن المال لا يصلح موجباً في القتل العمد، لعدم المماثلة، لأن الآدمي مالك مبتذل، والمال مملوك مبتذل، فأنا يتماثلان، بخلاف القصاص، فإنه يصلح موجباً للتماثلن وفيه زيادة حكمة وهي مصلحة الحياء زجراً للغير إن وقوعه فيه، وجبرأً للورثة فيتعين، وإنما جب المال في الخطأ أولاً، ضرورة صون الدم عن الهدار فإنه لما لم يكن الاقتصاص فيه، هدر الدم لو لم يجب المان والآدمي مكرم لا يجب إهدار دمه، على أن ذلك ثابت بنص القرآن الكريم.

والقصاص شرع لمعنى النظر للولي على وجه خاص، وهو الانتقام، وتشفي الصدر، فإنه شرع زجراً عما كان عليه أهل الجاهلية من إفناء قبيلة بواحد، لا لأنهم كانوا يأخذون أموالاً كثيرة عند قتل واحدا منهم، بل القاتل وأهله لو بذلوا ما ملكوه وأمثاله، ما رضي به أولياء المقتول، فكان إيجاب المال في مقابلة القتل العمد تضييع حمة القصاص، وإذا ثبت أن الصل هو القصاص لم يجز المصير إلى غيره بغير ضرورة مثل أن يفقد احد الاولياء. فإنه تعذر الاستيفاء حينئذ، أو أن يكون محل القصاص. ناقصاً بأن تكون يد قاطع اليد أقل اصبعاً، وأمثال ذلك.

من يقيم القصاص

لا خلاف بين الأئمة في أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، الذين فرض عليهم النهوض بالقصاصن وإقامة الحدود. وغير ذلك، لأن اللّه سبحانه وتعالى خاطب الجميع المؤمنين بالقصاص قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب علكم القصاص في القتلى