الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1604
المالكية – قالوا: الرجعة عودة الزوجة المطلقة للعصمة من غير تجديد عقد، فقوله: من غير تجديد عقد خرج به عود الزوجة إلى العصمة في الطلاق البائن بعقد، فإنه لا يسمى رجعة، وإنما يسمى مراجعة، لأنه متوقف على رضا الزوجين، وعرفها بعضهم بأنها رفع الزوج أو الحاكم حرمة متعة الزوج بزوجته بطلاقها، ومعناه أنه إذا طلقها طلاقاً رجعياً حرم عليه الاستمتاع بها بدون نية الرجعة، فإذا نوى الرجعة فقد راجعها ورفع هذه الحرمة، وكذا إذا طلقها طلاقاً بدعياً ولم يرض بردها، فإن الحاكم يردها له قهراً عنه، وبذلك يرفع حرمة استمتاعه بها، وعرفها بعضهم بأنها رفع إيجاب الطلاق حرمة متعة الزوج بزوجته بانقضاء عدتها ومعناه أن الطلاق الرجعي يوجب حرمة استمتاع الزوج بزوجته بعد انقضاء عدتها، فالرجعة ترفع هذا التحريم الذي يحصل بعد انقضاء العدة لا قبله، وعلى هذا التعريف يحل للرجل أن يستمتع بامرأته قبل انقضاء العدة بدون نية الرجعة وهو قول شاذ، والمشهور الأول، وهو أنه لا يحل له الاستمتاع بدون نية الرجعة.
الشافعية – قالوا: الرجعة رد المرأة إلى النكاح من طلاق غير بائن في العدة، ومعناه أن الطلاق الرجعي يحرم الزوجة على زوجها بحيث تكون كالأجنبية، فلا يحل له أن يستمتع بها، وإن كان له عليها حق الرجعة بدون رضاها وعلى هذا فيكون ملكه ناقصاً. فالرجعة ترده إلى النكاح الكامل المبيح للاستمتاع بها، فلا يرد أن المطلقة رجعياً لا تزال في النكاح، فما معنى ردها إلى النكاح؟ ويقال في الجواب ما ذكرنا، وهو أن الطلاق جعل نكاحها ناقصاً، فالرجعة تردها إلى النكاح الكامل، وبعضهم يقول: إن معنى ردها إلى النكاح ردها إلى ما يوجبه النكاح، وهو حل الاستمتاع، فكأنه قال: رد المرأة إلى حل الاستمتاع بها، وهو حسن.
والشافعية يقولون: يحرم على المطلق رجعياً أن يطأ المطلقة أو يستمتع بها قبل رجعتها بالقول ولو بنية الرجعة، خلافاً للحنفية الذين يقولون بحل الاستمتاع بالزوجة بالوطء وغيره، ويقولون: إن التلذذ بها بشهوة رجعية ولو لم ينو الرجعة، مع كراهة التنزيه، وخلافاً للمالكية الذين يقولون بجواز الاستمتاع بها بنية الرجعة، وإلا حرم، وخلافاً للحنابلة الذين يقولون إن الرجعة تحصل بالوطء واو لم ينو به الرجعة بدون كراهة.
الحنابلة – قالوا: الرجعة إعادة مطلقة غير بائن إلى ما كانت عليه بغير عقد، وهو تعريف لا يرد عليه شيء، ثم إن الحنابلة يقولون: إن إعادة المطلقة طلاقاً رجعياً تارة تكون بألفاظ مخصوصة وتارة تكون بالوطء، سواء نوى به الرجعة أو لا، وسيأتي توضيه).
————————–
3 دليل الرجعة
-إذا طلق الرجل امرأته طلاقاً رجعياً، فإن كان لحاجة شرعية فإنه لا ينبغي له أن يراجعها خصوصاً إذا كان طلاقها واجباً وإمساكها محرماً، فإنه يحرم عليه أن يرجع إليها ثانياً، أما إذا كان طلاقها محرماً، كما إذا طلقها طلاقاً بدعياً، فقد عرفت اختلاف الأئمة في الرجعة، وعرفت أن بعضهم يرى وجوبها عليه، فإن لم يفعل أرغمه الحاكم. أو راجع عنه إن أبى، أما إن طلقها طلاقاً مباحاً، كأن ساءت المعاشرة بينهما مؤقتاً، ولم يستطع أحد أن يصلح بينهما، ثم زالت هذه الشدة بعد الطلاق وصفت القلوب، فإن الرجعة في هذه الحالة تكون مندوبة، إلى غير ذلك من الأحكام المتقدم بيانها في مبحث الطلاق السني.
ثم إن الرجعة ثابتة بالكتاب، والسنة والاجماع، فأما الكاتب فمنه قوله تعالى: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك أن أرادوا اصلاحاً