الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1493
هذا إذا تزوجها وهي حامل من الزنا، أما إذا زنت وهي زوجة له فإنه يطلقها بدون انتظار، أما إذا كانت حاملاً من وطء بشبهة فإنه لا يطلقها إلا إذا وضعت الحمل ثم طهرت من النفاس، سواء كانت تحيض وهي حامل، أو لا، أما الحامل من الوطء بالعقد الصحيح فإنه لا يطلقها متى ظهر حملها بدون انتظار، لأنه عرف أن الولد له، وأنه لا يندم على فراقها، ثالثاً: أن لا يتعلق طلاقها على بعض حيضها، أو على آخر لحظة من طهرها، رابعاً: أن لا يطلقها في آخر وقت الطهر بحيث ينزل لها الحيض قبل أن يكمل طلاقها. خامساً: أن لا يطلقها في طهر جامعها فيه. أو في حيض قبله.
أما القسم الثالث وهو ما لا يوصف بكونه سنياً، ولا بدعياً. فهو طلاق غير المدخول بها. والصغيرة التي لا تحيض، والآيسة من الحيض، والحامل من وطء العقد الصحيح، فإن هذا الطلاق جائز متى تحقق فيه شرط الجائز، وهو أن يكون الرجل غير محب لزوجته، فلا يطيب له الاستمتاع بها ولا ترضى نفسه بالانفاق عليها بدون استمتاع، فإنه يباح له في هذه الحالة طلاقها فإذا كانت صغيرة أو آيسة من الحيض فله أن يطلقها متى انصرفت نفسه عنها بكره في أي وقت وبأي طلاق، ومثل ذلك ما إذا كانت، غير مدخول بها ورآها فكرهها ولم تتجه نفسه إلى الاستمتاع بها، فإنه يباح له طلاقها كذلك، ولكن هذا الطلاق لا يوصف بسني. ولا بدعي بالمعنى المتقدم، لأنك قد عرفت أن السني هو ما اجتمعت فيه قيود أربعة: أن تكون المرأة مدخولاً بها، وأن لا تكون في أول حيضها أو نفاسها أو وسطهما، وأن تكون في طهر لم يجامعها فيه، وأن لا تكون حبلى من زنا أو من وطء بشبهة على التفصيل المتقدم، والبدعي بخلاف السني، وهذه القيود غير موجودة في هذا القسم، كما هو ظاهر.
ولا يخفى أن الأقسام الثلاثة تعتبر بها الأحكام الخمسة التي تقدم ذكرها، فالطلاق السني تارة يكون واجباً، وتارة يكون حراماً، وتارة يكون مكرهاً، وتارة يكون مندوباً، وتارة يكون جائزاً، كالطلاق البدعي. فمثال الطلاق الواجب أن يعجز الزوج عن النفقة والوطء ولم ترض به الزوجة، فإنه في هذه الحالة يجب الطلاق في الوقت الذي حدده الشارع حتى ولو رضيت المرأة بالطلاق في وقت غيره لأن ذلك ليس حقاً خاصاً بها وحدها، وقد ترضى ثم تندم، فالأصح التحريم ولو رضيت، ويستثنى من ذلك ثلاثة أمور:
أحدها: الخلع: فإذا سألته أن يخالعها في نظير مال وهي حائض، أو نفساء، أو حامل من زنا أو نحو ذلك فإنه يصح خلعه، ولا يقال له: بدعي.
ثانيها: الطلاق بسبب الإيلاء، فإذا حلف أن لا يأتي زوجته فإنه ينتظر أربعة أشهر فإن لم يرجع لها وجب تخييره بين الطلاق والرجوع، وإن امتنع وجب تطليقها ولو حائضاً، أو نفساء الخ.
ثالثها: طلاق الحكمين في حال الشقاق، فإذا حكما بالطلاق لمصلحة وجب أن ينفذ بدون انتظار ومثل ذلك طلاق القاضي عليه.