الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1155
المالكية – قالوا: يشترط للعارية شروط، بعضها يتعلق بالمعير: وبعضها يتعلق بالمستعير وبعضها يتعلق بالمستعار، فيشترط في المعير شروط منها أن يكون مالك المنفعة بسبب ملك الذات المنتفع بها أو استئجاره لها أو استعارته لها فلا يشترط فيه أن يكون مالكاً لذاتها بل الشرط ملك المنفعة سواء كان مالكاً للذات أو فيصح لمن استأجر داراً مثلاً ان يعير لغيره، وكذا من استعارها فإن له أن يعيرها بشرط أن لا يمنعه المالك المعير من الإعارة لغيرها صريحاً أو ضمناً والمنع الضمني: لولا أبوك أو أخوك ما أعرتك، لأن هذا يتضمن قصر الإعارة عليه فلا يصح أن يعيرها لغيره فإذا أعار شخص ما لا يملكه بسبب من الأسباب المذكورة كان فضولياً فلا تنعقد إعارته أصلاً لأنها بغير عوض بأخذه من المستعير ومثلها الهبة والوقف وسائر ما يخرجه الفضولي بغير عوض.
أما ما يخرجه بعوض كما إذا باع شخص ملك غيره بدون إذنه فإن البيع ينعقد موقوفاً على إجازة المالك فإذا أجاز البيع نفذ.
ومنها أن لا يكون المعير محجوزاً عليه لصغر أو سفه فلا تصح إعارة الصبي والسفيه والرقيق ولو كان مأذوناً له في التجارة لأنه مأذون له في التصرف بعوض لا أن يعير بدون عوض. نعم يصح له أن يعير ما به اسئلاف الناس منه تجارته (الزباين).
ومنها: أن لا يكون المعير مالك الانتفاع فقط وهو من ملك أن ينتفع دون غيره.
والفرق بينه وبين المنفعة أن مالك المنفعة جعل الشارع له الانتفاع بنفسه كما جعل له أن يتنازل عن الانتفاع لغيره كالمالك والمستأجر والمستعير فلكل منهم أن يؤاجر وأن يهب وأن يعير، كما له أن ينتفع بنفسه أما مالك الانتفاع فقد قصره الشارع على ان ينتفع بنفسه فقط وذلك مثل الأماكن الموقوفة على المجاورين وأبناء السبيل ونحوهم فإنها إذا استحق السكنى فيها شخص بعنوان كونه مجاوراً مثلاً فإنه لا يملك منها إلا حق الانتفاع فقط فلا يصح ان يعيرها لغيره أو يهبها أو غيره ذلك. نعم يجوز له أن يتنازل عن حقه في الانتفاع بها مجاناً وفي مقابلة دارهم مدة معينة أو دائماً.
وهنا مسألة يعبرون عنها بملك الخلو وهي من قبيل ملك المنفعة. والخلو (هو اسم لما يملكه دافع الجنيهات من المنفعة التي وقعت الجنيهات من مقابلتها) توضيح ذلك ان توجد دار خربه موقوفة على جهة أو أرض فضاء لا بناء عليها موقوفة كذلك وليس للوقف ريع يعمر به فيدفع شخص مبلغاً لجهة الوقف لبناء الذي أنفق عليه ماله، وهذه المنفعة تسمى بالخلو فإذا كانت أجرة الوقف بعد بنائه تساوي عشرة فاتفق الباني على ان يدفع منها ثلاثة حكراً والسبعة الباقية في مقابلة ما أنفق على البناء فإنه يصح ويصير المبلغ الذي أنفقه على البناء مالكاً بذلك المكان فيجوز له ان يعيرها لغيره وأن يهبها له وتورث عنه إذا مات إلى غير ذلك.
وكذلك الخلو المعروف بمصر الان وهو أن يستأجر شخص دكاناً مثلاً بأجرة شهرية ثم يريد إخلاءها لغيره على أن يأخذ منه مبلغاً في نظير الإخلاء فإنه جائز عملاً بعرف الناس ويكون من قبيل ملك المنفعة.