الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1148
وإذا عين له صاحبها مكاناً لحفظها وجب عليه أن يضعها فيه أو في مكان مثله أو اعلى منه في الصيانة والحفظ فإذا وضعها في مكان أقل منه فضاعت ضمنها أما إذا وضعها في المكان الذي عينه صاحبها من أول الأمر فإنه يحرم عليه أن يخرجها من ذلك المكان من غير حاجة فإذا فعل وضاعت ضمنها حتى ولو كان المكان الذي نقلها إليه أصون من المكان الأول.
أما إذا أخرجها من مكانها خوفاً عليها من حرق أو غرق أو هدم المكان الذي هي فيه فهلكت لم يضمن بل يجب عليه في هذه الحالة أن يخرجها من المكان بالأخطار وإنما يلزمه أن يضعها في حرز مثلها أو أعلى إن لم يمكن فإنه لا يكلف إلا ما قدر عليه ولا ضمان.
فإذا تركها في المكان الذي عينه له صاحبها في حالة الخطر وهلكت كان الوديع ضمانها سواء هلكت بالأمر المخوف أو لسبب وهلكت فإنه لا يضمن وإذا خالفه فأخرجها فإنه لا يضمن أيضاً لأنه فعل ما فيه الحفظ في الثاني وامتثل أمر صاحبها في الأول.
ومنها: أن يهمل في أمر حفظها فإذا كان الوديعة حيواناً يجب على الوديع أن يصعمه ويسقيه إلا أن ينهاه صاحبه عن ذلك فإن فعل لا يضمن ولكن يأثم بتركه الحيوان من غير إطعام ويطالب الوديع صاحب الحويان أو وكيله بعلفه أو رده إليهما فإن لم يجدهما رفع الأمر إلى الحاكم ليأخذ قيمة علفه من مالهما مال وإلا بما فيه المصلحة من بيع الحيوان أو إجارته أو الاستدانة عليه للإنفاق عليه ويجوز أن يأمر الوديع بالإنفاق عليه من ماله بحسب اجتهاده ويرجع بما أنفقه على صاحب الحيوان.
ومنها: أن يدفع الوديع إلى أجنبي ليحفظها عنده فإذا فعل وضاعت فإذا دفعها إلى من يحفظ ماله كزوجة ولده وخادمه وخازنه ووكيله لم يضمن إن تلفت.
أما إذا دفعها إلى شريكه فإنه يضمن صاحبها إذا تلفت. ولصاحبها الحق في مطالبة الوديع الأول ببدل الوديعة لأنه صار ضامناً بدفعا إلى غيره وإعراضه عن حفظها وله مطالبة الوديع الثاني لأنه قبض ما ليس له قبضه فإذا كان عاماً بأنها بأنها وديعة وأنه لا عذر للوديع في دفعها إليه وألزمه المالك ببدل الوديعة فلا رجوع للوديع على الأول وإن كان جاهلاً بأنها كان جاهلاً بأنها وديعة ولزمه مالكها بدفع بدلها فإنه يرجع بما دفعه على الوديع الأول لأنه غيره.
وللوديع أن يساعين بالأجنبي في حمل الوديعة وعلفها وسقيها ونحو ذلك مما جرت به العادة فإذا هلكت في أثناء ذلك فلا يضمن.
ومنها: أن يسافر بها الوديع مع نهي صاحبها عن السفر بها وتلفت ضمنها إلا إذا كان السفر لضرورة كجلاء عن البلد لهجوم عدو أو غرق أو حرق أو نحو ذلك فإن تركها في مكانها ولم في مكانها ولم يسافر بها فتلفت ضمنها.