الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص927
ومن الشروط المفسدة للمزارعة أن يشترط كون التبن لمن لا يدفع البذر لأن هذا الشرط لا يقتضيه العقد فإن العقد يقتضي أن يكون التبن لصاحب البذر، فإذا اشترط كون التبن لصاحب البذر صح الشرط والعقد وكان التبن لصاحب البذر، وإذا لم يتعرض للتبن فلم يشترط كونه لهذا ولا لذاك فبعضهم يقول إنه يكون لصاحب البذر لأن التبن ناتج من الحب فهو من حق صاحب الحب بدون شرط، وبعضهم يقول أنه يكون بينهما على حسب نصيب كل منهما تبعلاً للعرف، على أن العامل إذا كان شريكاً بالربع فإن الظاهر عندهمأن لاشيء لهم في التبن، وإذا كان بالثلث فإنه يستحق نصف التبن.
ومنها أن يشترط صاحب الأرض على المزارع أن يحدث بأرض شيءاً يستمر بعد انتهاء زرع المدة المتفق عليها كبناء دار أو مصرف ما أو حفر (ترعة) أو نحو ذلك فإن شرط شيء من ذلك في العقد فقد فسد، وأما كراء الأرض (وهو قلبها للحرث) فلا يخلو إما أن يشترط شيء لمصلحة الزرع أو لمصلحة الأرض بحيث تستمر فائدته بعد انتهاء مدة الزرع المتفق عليها من أول شرط صحيح يقتضيه العقد لأن الزرع لا يصلح إلا بالحرث، والثاني شرط فاسد مفسد للعقد. ومثال ذلك ان يشترط (حرث) الأرض من أجل الزرع وحرثها مرة أخرى بعد حصاد الزرع ليستلمها صاحبها محروثة، فإن المرة الثانية في هذه الصورة لا علاقة لها لالزرع فيفسد العقد، أما إذا اشترط (حرثها) مرتين أثناء مدة الزرع وكانت منفعة المرة الثانية مقصورة على الزرع لا تفيد الأرض بعد انتهاء الزرع فإنه يصح. وإذ قد عرفت معنى المزارعة عند من يجيزها ومن يمنعها وعرفت الشروط المصححة لها والمفسدة فإنه يسهل عليك معرفة الصور الجائزة والمممتنعة منها، ولكننا نريد أن نذكر لك هنا ملخص ما ذكره من الصور الجائزة والممتنعة عند الصاحبين بعدما عرفت فيما تقدم الصور الجائزة عند الإمام.
فأما الصور الجائزة عندهما، فمنها: أن تكون الأرض من أحدهما والبذر والعمل وآلات الزرع من الاخر، وشرطا أن يكون لصاحب الأرض شيئاً معلوماً من المتحصل من الزرع كالنصف أو الثلث أو نحو ذلك لأنه في هذه الحالة يكون العامل مستأجر للأرض بشيء معلوم مما يخرج منها وذلك جائر عندهما كما أن استأجار العامل ببعض الخارج من الأرض جائز كذلك إنما الممتنع هو استأجار غيرهما.
ومنها: أن تكون الأرض والبذر وآلات الزرع على المالك، ويكون العمل وحده على العامل ويكون له نصيب معين في المتحصل من الزرع كالنصف أو الثلث أو الربع، وهذه الصور جائزة أيضاً لأنها استئجار العامل ببعض ما يخرج من الأرض وقد علمت جوازه عندهما.
ومنها: أن تكون الأرض والبذر من أحدهما، والعمل وآلات الزرع على الثاني، وهذه أيضاً جائزة أيضاً لأن صاحب الأرض في هذه الحالة يكون مستأجراً ليعمل في أرضه ببقرة ونحوه من آلات الزرع.