پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص910

ويمتد الحجر على المجنون من حين جنونه إلى أن يفيق رشيداً، ثم إن كان جنونه قبل البلوغ كان الحجر عليه من حقوق أبيه أو وصيه إن كان له أي أو وصي، فإن لم يكن له أب ولا وصي أو كان ولكن طرأ عليه الجنون بعد البلوغ، فإن الحجر عليه حينئذ يكون من حق الحاكم وحده فإن كان جنونه قبل البلوغ ثم أفاق منه قبل البلوغ حجر عليه بسبب الصغر وقد عرفت أن الحجر بسبب الصغر من حقوق الأب والوصي. أما إذا أفاق بعد البلوغ ثم طرأ عليه السفه فإن الحجر عليه يكون من حق الحاكم كما عرفت، لأن السفه الذي يطرأ بعد البلوغ فإن الحجر به يكون للحاكم لا للأب والوصي وما أتلفه المجنون من مال الغير فإنه يكون مضموناً عليه. فيؤخذ من ماله إن كان له مال أو يبقى ديناً في ذمته، فإن اعتدى على أحد في نفسه أو عضو من أعضائه فإن كانت جنايته توجب دية كاملة أو توجب أكثر من ثلث الدية حكم بها على عاقلته، وإن كانت أقل من ثلث الدية فإنها تؤخذ من ماله، فهو كالمميز في ذلك على الراجح، لأن الضمان لا يشترط فيه التكليف.

الشافعية – قالوا: متى جن شخص حجر عليه فلا تنفذ تصرفاته في شيء مطلقاً، ووليه هو ولي الصغير الذي تقدم، وقيل: وليه الحاكم فقط. وإذا أتلف شيئاً كان ضمانه عليه، كما إذا وطئ أجنبية فأحبلها فإن ولدها يثبت نفسه منه، ولا يرفع عنه الحجر إلا إذا زال جنونه تماماً بحيث لم يبق فيه شائبة.

الحنابلة – قالوا: المجنون كالصغير في أحكام الحجر المتقدمة، إلا أن الصبي إذا بلغ وهو مجنون أو سفيه لا يحجر عليه إلا بحكم الحاكم، ولا ينظر في ماله إلا الحاكم وسيأتي بيان ذلك السفيه).

3 مبحث الحجر على السفيه

يحجر على السفيه كما يحجر على الصبي والمجنون، وفي تعريفه وما يتعلق به تفصيل في المذاهب

(الحنفية – قالوا: الحجر على السفيه هو المفتى به في المذاهب وهو المختار كما تقدم، وتعريف السفيه: هو الذي لا يحسن إدارة ماله، فينفقه فيما لا يحل وفي البطالة، ويعمل فيه بالتبذير والإسراف، ومن الإسراف الموجب للحجر: دفع المال إلى المغنين واللعابين وشراء الحمام والديكة ونحوهما بثمن غالٍ “غية” وصرف الأموال في المقامرة وغير ذلك من الأنفاق في غير ما يقتضيه العقل والشرع وكذلك إذا أنفق ماله في عمل من أعمال الخير، كبناء مدرسة أو مسجد أو مصح فإنه يعد سفيهاً ويحجر عليه، لأن اللّه تعالى إنما كلف الإنسان بعمل الخير إذا كانت حالته المالية تسمح بذلك، بحيث لا ينفق ماله ويفلس من أجل عمل الخير.

ولا يحجر على السفيه إلا بحكم الحاكم على الراجح، فإذا تصرف قبله فإن تصرفه ينفذ ويقع صحيحاً، فإن رشد فإن رشده لا يثبت إلا بحكم الحاكم، وقال محمد: إن إفساده في ماله يوجب الحجر عليه، وإصلاحه يوجب فكه بقطع النظر عن الحاكم.

وقد عرفت أن الإمام يقول: إنه لا يحجر على الحر العاقل وإن كان سفيهاً، إلا أنه إذا لم يثبت رشده بعد بلوغه فإنه لا يسلم إليه ماله حتى يبلغ خمساً وعشرين سنة، فإذا تصرف في ماله بعد البلوغ قبل أن يبلغ ذلك السن فإن تصرفه ينفذ، لأنه ليس محجوراً عليه، وإنما هو ممنوع عن ماله تأديباً وزجراً، ولكن هذا غير المفتى به.