الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص880
الشرط الثالث: أن تكون مدة المنفعة التي يشترطها معينة. فإذا كانت مجهولة فإنه لا يصح. فإذا تحققت هذه الشروط الثلاثة صح للمرتهن أن يستولي على منفعة المرهون ويأخذها له، أما إذا كان بسبب القرض فإنه لا يصح له أن يأخذ المنفعة على أي حال، سواء اشترطها أو لم يتشرطها أباحها له الراهن أو لم يبحها، عين مدتها أو لم يعينها، وذلك لأنه يكون قرضاً جر نفعاً للمقرض فيكون ربا حراماً.
ولا يلزم من كون المنفعة للراهن أن يتصرف في المرهون، أو يكون المرهون تحت يده كلاً، فإن الرهن يكون تحت يد المرتهن ولكنه يعطي منفعته للراهن إذا لم يشترطها بالكيفية المتقدمة، فإذا رهن داراً فإن المرتهن هو الذي يؤجرها ولكن يعطي أجرتها للراهن، فإذا أذن المرتهن الراهن في إجارتها بطل الرهن ولو لم يؤجرها بالفعل.
ومثل ذلك ما أذنه بالسكنى. أما إذا كان الرهن يمكن نقله كأدوات الفراش فإن مجرد الإذن بإجارتها لا يبطل الرهن، بل لا بد في بطلانه من تأجيرها بالفعل: وكذلك إذا أذن الراهن المرتهن في بيع الرهن وسلمه له، فإن الرهن يبطل بذلك ويبقى دينه بلا رهن.
الشافعية – قالوا: الراهن هو صاحب الحق في منفعة المرهون، على أن المرهون يكون تحت يد المرتهن ولا ترفع يده عنه إلا عند الانتفاع بالمرهون، فترد العين المرهونة للراهن مدة الانتفاع إن لم يمكن استثمارها وهي تحت يد المرتهن، ثم إذا لم يأتمن المرتهن الراهن على إعارة المرهون إليه يشهد عليه.
ويجوز للراهن أن ينتفع بكل ما لا ينقص العين المرهونة كسكنى الدار، وركوب الدابة بدون إذن المرتهن، وإلى ذلك يشير الحديث الصحيح “الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً”.
وليس للراهن أن يبني على الأرض المرهونة أو يغرس فيها أشجاراً فإذا فعل ذلك لم يلزم بهدم البناء ولا بقلع الأشجار قبل حلول الدين. أما بعد حلول الدين فإن كان البناء أو الشجر يضر بثمن الأرض فلا تفي بالدين فإنه يلزم بإزالته وإلا فلا. ولا يدخل الشجر ولا البناء في الرهن لأنه طرأ بعد العقد.
أما التصرف الذي ينقص الذي ينقص قيمة المرهون فإنه لا يصح إلا بإذن المرتهن، فلا يصح للراهن أن يؤجر المرهون بعد قبضه مدة تزيد على مدة الرهن. أما إذا كانت الإجارة تنتهي عند حلول الدين أو قبله فإنه يصح لأن ذلك لا يضر المرتهن. أما إذا أذن المرتهن فإنه يصح، وللمرتهن الرجوع عن الإذن قبل أن يتصرف الراهن. وإذا رجع ولم يعلم الراهن برجوعه وتصرف بطل تصرفه.