الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص684
الشرط الثاني: أن يصل الكتاب المحلوف عليه بإذن الحالف ولو حكماً، كما إذا علم بأن الرسول أخذ الكتاب وذهب به إلى المحلوف عليه فسكت، أما إذا كتبه وأعطاه الرسول ليوصله ثم نهاه بعد ذلك عن الذهاب به فعصاه وذهب به وأوصله للمحلوف عليه فإن الحالف لا يحنث، وكذا إذا كتبه ثم رماه راجعاً عنه فعثر عليه المحلوف فقرأه فإن الحالف لا يحنث، بخلاف ما إذا أراد أن يطلق زوجه فكتب صيغة الطلاق فإنه يقع بمجرد الكتابة عازماً عليه. والفرق بين الأمرين: أن الزوج يستقل بالطلاق فلا يحتاج إلى مخاطب ومشافهته، أما المكالمة فإنه لا يستقل لها الحالف لا يكلمه فأرسل رسولاً له بكلام منه فإنه يحنث إذا بلغ الرسول المحلوف عليه، فلو لم يبلغه الرسول لم يحنث ولو وصل الرسول المحلوف عليه، وإذا سمعه المحلوف عليه حين أمره بالذهاب فإن الحالف يحنث.
وإذا نوى الحالف أنه لا يكلمه مشافهة يقبل قوله في الفتوى في مسألة الكتاب ومسألة الرسول فلا يحنث في الصورتين، سواء كان اليمين بالطلاق أو بغيره، أما في القضاء فإنه لا يسمع قوله في مسألة إرسال الكتاب إذا كان اليمين بالطلاق والعتاق.
وإذا نوى الحالف أن لا يكلمه مشافة فقط فإن قوله يقبل في الإفتاء في المسألتين: مسالة إرسال الكتاب، ومسألة إرسال الرسول، فلا يحنث غلا إذا كلمه مشافهة سواء كان اليمين بالطلاق أو بغيره. وكذا يقبل قوله قضاء في مسألة إرسال الرسول، سواء كان باليمين بالطلاق أو بغيره، أما في مسألة الكتاب فإنه لا يقبل قوله قضاء.
وإذا أرسل المحلوف عليه كتاباً للحالف فوصله وقرأه لميحنث على الأصوب، لأنه لم يكلمه في هذه الحالة، بل الذي كلمه المحلوف عليه، وإذا حلف لا يقرأ الكتاب أو حلف لا يقرأ فقرأ بقلبه بدون حركة لسان فإنه لا يحنث. وإذا حلف لا يكلمه فأشار إليه بإشارة يفهمها فقيل: لا يحنث بالإشارة مطلقاً وقيل: يحنث.
وإذا حلف لا يكلمه فكلمه وكان بعيداً عنه بحيث لا يسمعه عادة فإنه لا يحنث. أما إذا كان قريباً بحيث يسمعه عادة فإنه يحنث وإن لم يسمع لعارض اشتغال أو نوم أو صمم بحيث لو زال المانع لسمعه عادة.
وإذا حلف لا يكلمه فإنه يحنث إذا فتح عليه “أي أرشده للقراءة إذا وقف” وانسدت عليه طرقها، سواء كان في غير الصلاة أو فيها، ولو كان الفتح واجباً بأن كان المحلوف عليه إماما وفتح الحالف عليه في الفاتحة فإن الفتح على الإمام في هذه الحالة يجب كما تقدم في كتاب الصلاة، أما إذا حلف لا يكلمه فصلى المحلوف عليه بقوم من جملتهم الحالف فرد عليه السلام في الصلاة فإن الحالف لا يحنث. وكذا إذا صلى الحالف إماماً بجماعة منهم المحلوف عليه وسلم الإمام قاصداً التحلل من الصلاة على من خلفه، لا فرق بين أن تكون التسليمة التي قصد بها الإمام الجماعة التي من جملتهم المحلوف عليه على اليمين أو على اليسار. أما إذا سلم عليه خارج الصلاة فإنه يحنث لأنه كلام عرفاً والفرق بين الفتح عليه وهو في الصلاة والسلام عليه وهو فيها: أن الفتح في قوة قوله قل كذا، بخلاف السلام فإنه ليس فيه هذا المعنى.