پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص433

وإنما ثبتت بالإجماع، وهذا الرأي هو الراجح عند الحنفية، وبه قال غيرهم من الأئمة، فعلى الرأي الأول تنقسم الصيامات عندهم إلى ثمانية أقسام: أحدها: الصيامة المفروض فرضاً معيناً، كصوم رمضان أداءً في وقته، ثانيها: الصيام المفروض فرضاً غير معين، كصوم رمضان قضاءً في غير وقته؛ فمن فاته صيام شهر رمضان أو بعضه، فإنه لا يلزمه أن يقضيه في وقت خاص، ومثله صوم الكفارات، فإنه فرض غير معين، ثالثها: صيام واجب معين، كالنذر المعين، رابعها: صيام واجب غير معين، كالنذر المطلق، خامسها: صيام النفل، سادسها الصيام المسنون سابعها: الصيام المستحب، ثامنها: المكروه تنزيهاً أو تحريماً، فالأقسام عنده ثمانية، أما على الرأي الثاني فإنها تنقسم إلى سبعة أقسام: الأول: فرض معين، وهو ماله وقت خاص كصوم رمضان أداء، والنذر المعين، الثاني: فرض غير معين، وهو ما ليس له وقت خاص؛ كصوم رمضان قضاءً، والنذر غير المعين؛ الثالث: الواجب؛ وهو صوم التطوع بعد الشروع فيه، فمن أراد أن يتطوع بصوم يوم الخميس مثلاً. ثم شرع فيه فإنه يجب عليه أن يتمه، بحيث لو أفطر يأثم إثماً صغيراً، كما تقدم، وكذلك يجب عليه قضاؤه إذا أفطره. ومثله صوم الاعتكاف غير المنذور، فإنه واجب كذلك، الرابع: الصيام المحرم، الخامس: الصيام المسنون، السادس، صيام النفل: السابع: الصيام المكروه، وسيأتي بيان كل قسم منها).

4 القسم الأول: الصيام المفروض

قد عرفت أن الصيام المفروض هو صيام شهر رمضان أداءً وقضاءً، وصيام الكفارات، والصيام المنذور. وعرفت أن هذا القدر متفق عليه عند الأئمة، وإن كان بعض الحنفية يخالف في الصيام المنذور، ويقول: إنه واجب لا فرض، وإليك بيان الصيامات المذكورة على هذا الترتيب:

4 صيام شهر رمضان – دليله

هو فرض عين على كل مكلف قادر على الصوم، وقد فرض في عشر من شهر شعبان بعد الهجرة بسنة ونصف، ودليل الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتِبَ عليكم الصيام

إلى قوله: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

فشهر رمضان خير لمبتدأ محذوب تقديره هو شهر رمضان، أي المكتوب عليكم صيامه، هو شهر رمضان… الخ، وقوله تعالى: فمن شهد منكم الشهر فليصمه

، وأما السنة فمنها قوله صلى اللّه عليه وسلم: “بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللّه، وأن محمداً رسول اللّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان” رواه البخاري، ومسلم عن ابن عمر، وأما الإجماع فقد اتفقت الأمة على فرضيته، ولم يخالف أحد من المسلمين، فهي معلومة من الدين بالضرورة، ومنكرها كافر، كمنكر فرضية الصلاة، والزكاة، والحج.

4 أركان الصيام

للصيام ركن واحد عند الحنفية، والحنابلة، وهو الإمساك عن المفطرات الآتي بيانها، أما المالكية والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (المالكية: اختلفوا، فقال بعضهم: إن للصيام ركنين: أحدهما: الإمساك، ثانيهما: النية، فمفهوم الصيام لا يتحقق إلا بهما، ورجح بعضهم أن النية شرط لا ركن، فمفهوم الصيام يتحقق بالإمساك فقط.

الشافعية قالوا: أركان الصيام ثلاثة: الإمساك عن المفطرات، والنية، والصائم، فمفهوم الصيام عندهم لا يتحقق إلا بهذه الثلاثة، وقد عرفت أن الحنابلة، والحنفية يقولون: إن النية والصائم شرطان خارجان عن مفهوم الصيام، ولكن لا بد منهما).

4 شروط الصيام