الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص430
الشافعية، والحنابلة قالوا: يحرم ذلك إلا لضرورة، ككثرة الموتى، وخوف تغيرهم أو لحاجة، كمشقة على الأحياء)، وإذا وقع ذلك جعل الأفضل جهة القبلة ويليه المفضول، ويلاحظ تقديم الكبير على الصغير، والذكر على الأنثى ونحو ذلك؛ ويندب أن يفصل بين كل اثنين بتراب، ولا يكفي الفصل بالكفن، وإذا بلي الميت وصار تراباً في قبره جاز نبش القبر وزرعه والبناء عليه وغير ذلك، باتفاق إلا عند المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (المالكية قالوا: إذا بلي الميت ولم يبق منه جزء محسوس جاز نبش القبر للدفن فيه، والمشي عليه، وأما زرعه والبناء عليه، فلا يجوز، لأنه بمجرد الدفن صار حبساً لا يتصرف فيه بغير الدفن، سواء بقي الميت أو فني).
5 التعزيه
التعزيه لصاحب المصيبة مندوبة، ووقتها من حين الموت إلى ثلاثة أيام، وتكره بعد ذلك، إلا إذا كان المعزِّي أو المعزَّى غائباً، فإنها لا تكره حينئذ بعد ثلاثة أيام؛ وليس للتعزيه صيغة خاصة؛ بل يعزي كل واحد بما يناسب حاله، وهذا متفق عليه إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (الحنفية قالوا: يستحب أن يقال للمصاب: “غفر اللّه تعالى لميتك. وتجاوز عنه وتعمده برحمتك، ورزقتك الصبر على مصيبته، وآجرك على موته، وأحسن صيغة في هذا الباب صيغة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم “إن للّه ما أخذ؛ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى” فيحسن أن يضيفها إلى ما ذكر)، والأولى أن تكون التعزيه بعد الدفن، وإذا اشتد بهم الجزع فتكون قبل الدفن أولى، باتفاق، وللمالكية تفصيل في ذلك، فانظره تحت الخط (المالكية قالوا: الأولى أن يكون العزاء بعد الدفن مطلقاً، وإن وجد منهم جزع شديد). ويستحب أن تعم التعزيه جميع أقارب الميت نساءً ورجالاً، كباراً وصغاراً؛ إلا المرأة الشابة، فإنه لا يعزيها إلا محارمها دفعاً للفتنة وكذا الصغير الذي لا يميز، فإنه لا يعزى، ويكره لأهل المصيبة أن يجلسوا لقبول العزاء، سواء أكان في المنزل أم في غيره، عند الشافعية، والحنابلة، وقال الحنفية: إنه حلاف الأولى، وقال المالكية: إنه مباح، أما الجلوس على قارعة الطريق، وفرش البسط ونحوها مما اعتاد الناس فعله فهو بدعة منهي عنها، وإذا عزي أهل الميت مرة كره تعزيتهم مرى أخرى؛ باتفاق ثلاثة، وقال المالكية: لا تكره تعزيتهم مرة أخرى.
5 مبحث ذبح الذبائح، وعمل الأطعمة في المآتم
ومن البدع المكروهة ما يفعل الآن من ذبح الذبائح عند خروج الميت، من البيت، أو عند القبر، وإعداد الطعام لمن يجتمع للتعزيه: وتقديمه لهم كما يفعل ذلك في الأفراح ومحافل السرور وإذا كان في الورثة قاصر عن درجة البلوغ، حرم إعداد الطعام وتقديمه، روى الإمام أحمد، وابن ماجة عن جرير بن عبد اللّه قال: “كنا نعد الإجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة”. أما إعداد الجيران والأصدقاء طعاماً لأهل الميت وبعثه لهم، فذلك مندوب، لقوله صلى اللّه عليه وسلم: “اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد جاءهم ما يشغلهم”، ويلح عليهم في الأكل، لأن الحزن قد يمنعهم منه.
5 خاتمة في زيارة القبور