الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص74
هذا، والشافعية كالحنابلة لا يخصون المس بمس الشخص ذكر نفسه، وإنما يقولون: إن المس يتناول مس ذكر الغير، فلذا قالوا: إن مس الذكر ينقض الوضوء، سواء كان ذكر نفسه، أو ذكر غيره، ولو كان ذكر صغير، أو ميت، وإنما ينتقض وضوء الماء دون الممسوس، وكذا ينتقض وضوء المرأة إذا مست قبلها، كما ينتقض وضوء من مسه طبعاً، وحلقة الدبر لها حكيم الفرج عندهم: بخلاف الخصية، والعانة، فلا نقض بمسهما.
الحنابلة قالوا: ينتقض الوضوء بكل خارج نجس من سائر البدن، غير القبل والدبر، المتقدم حكمه، بشرط أن يكون كثيراً، والكثرة والقلة تعتبر في حق كل إنسان بحسبه، بمعنى أنه يراعى في تقدير ذلك حالة الجسم قوة وضعفاً، ونحافة وضخامة، فلو خرج دم مثلاً من نحيف، وكان كثيراً بالنسبة إلى جسده نقض، وإلا فلا، ومن ذلك القيء عندهم).
القسم الرابع من النواقض بسبب الخارج من السبيلين: هو ما يخرج من بدن الإنسان من غير القبل، أو الدبر، كالقيح الذي يخرج من الدمل، أو الدم الذي يخرج بسبب ذلك، أو بسبب جرح، أو نحو ذلك، وكل نجس ينقض الوضوء؛ على تفصيل في المذاهب.
وينتقض (الحنفية قالوا: إن الوضوء لا ينتقض بالردة، وإن كانت الردة محبطة لكثير من الأعمال الدينية، والتصرفات المالية، ونحو ذلك، مما بيناه في “الجزء الرابع” من هذا الكتاب فليرجع إليها من يشاء.
الشافعية قالوا: الردة لا تنقض الوضوء إذا ارتد وهو صحيح من مرض السلس ونحوه، أما المريض بالسلس، فإن وضوءه ينتقض بالردة، وذلك لأن طهارته ضعيفة) الوضوء بالردة. فإذا ارتد المتوضئ عن دين الإسلام. انتقض وضوءه وقد يقع ذلك كثيراً من الجهلة الذين يستولي عليهم الغضب الشديد فيسبون الدّين. وينطقون بكلمات مكفرة، بدون مبالاة، ثم يندمون بعد ذلك، فهؤلاء ينتقض وضوءهم إذا كانوا متوضئين، ولا يخفى أن هذا بعض عقوبات الردة الهينة، إذ لو علم الناس أن الردة تحبط الأعمال وتبطلها، لضبطوا أنفسهم، وحفظوا ألسنتهم من النطق بكلمات تضر كثيراً، ولا تنفع في شيء ما.