پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص52

الثاني: من فرائض الوضوء غسل اليدين مع المرفقين، والمرفق عظم المفصل البارز في نهاية الذراع، ويتعلق بهذا الفرض مباحث: أحدها: إذا كان للإنسان إصبع زائدة فإنه يجب غسله أما إذا كان له يد زائدة، فإن كانت محاذية ليده الأصلية، فإنه يجب عليه غسلها، وإن كانت طويلة عنها، فإنه يجب عليه أن يغسل منها المحاذي لليد الأصلية، وأما الزائد عنها فلا يجب عليه غسله، ولكنه يندب أن يغسله، ثانيها: إذا لصق بيده، أو بأصل ظفره طين أو عجين، فإنه يجب عليه إزالته، وإيصال الماء إلى أصل الظفر، وإلا بطل وضوءه، وأصل الظفر هو القدر الملصق بلحم الإصبع، فإن طال الظفر نفسه حتى خرج عن رأس الإصبع فإنه يجب غسله، وإلا بطل الوضوء، أما ما تحت الظفر من درن ووسخ “فإن المفتي به أنه لا يضر، سواء كان المتوضئ قاطنياً بمدينة أو قرية؛ دفعاً للمشقة والحرج، ولكن بعض محققي الحنفية يرى ضرورة غسل الأوساخ اللاصقة بباطن الظفر من الأذى، على أنهم اغتفروا للخباز الذي تطول أظفاره، فيبقى تحتها شيء من العجين لضرورة المهنة، ولا يضر أثر الحناء، وأثر الصباغة؛ وأما نفس جرم الحناء المتجسد على اليد، فإنه يضر، لأنه يمنع من وصول الماء إلى البشرة، ومن قطع بعض يده، وجب عليه أن يغسل ما بقي، وإذا قطع محل الفرض كله، سقط الغسل، الثالث: غسل الرجلين مع الكعبين، وهما العظمان البارزان في أسفل الساق، فوق القدم، ويجب عليه أن يتعهد عقبيه بالغسل بالماء، كما يجب عليه أن يتعهد الشقوق التي تكون في باطن القدم، فإذا قطع قدمه كله أو بعضه، كان حكمه حكم قطع الذراع المتقدم، وإذا دهن رجليه، أو ذراعيه، ثم توضأ فتقطع الماء، ولم يقبله العضو بسبب الدسومة، فإنه لا يضر، وإذا كان برجله شق، فوضع فيه مرهماً، أو نحوه، فإن كان يضره إيصال الماء إلى ما تحت المرهم، فإنه لا يجب عليه غسله، وإلا وجب عليه أن ينزعه، ويغسل ما تحته، وإذا كان برجله شقوق – تقشف – ونحوه، بحيث يضرها الغسل، أو وضعها في الماء وإخراجها سريعاً بدون ذلك، فإنه يسقط عنه فرض غسلها، وعليه أن يمسحها بالماء، فإن عجز عن مسحها سقط عنه المسح أيضاً، فلا يجب عليه إلا غسل ما لا يتضرر من غسله، الرابع: من فرائض الوضوء، مسح ربع الرأس، ويقدرون ربع الرأس بكف، فالواجب أن يمسح من رأسه بقدر الكف كلها، فلو أصاب الماء كف يده، ثم وضعها على رأسه، من خلف، أو أمام، أو أي ناحية فإنه يجزئه، على أنه لا يلزم أن يكون المسح بنفس الكف، فلو أصاب الماء ربع رأسه بأي سبب، فإنه يكفي ويشترط للمسح باليد أن يكون بثلاث أصابع، على الأقل، لأجل أن يصيب الماء ربع الرأس قبل أن يجف، إذ لو مسح بأصبعين فقط ربما يجف الماء قبل تحريكهما؛ لمسح باقي الربع؛ فلا يصل الماء إلى القدر المطلوب مسحه، فإذا مسح برؤوس الأصابع، وكان الماء متقاطراً، يمكن أن يصل إلى القدر المطلوب مسحه، فإنه يصح، وإلا فلا، على أن لا يشترط أن يمسْح رأسه بماء جديد، فلو كانت يده مبلولة، فإنه يجزئه، ولا يجزئه أن يأخذ البلل من على عضو من أعضائه، فلو غسل ذراعه، وكانت يده جافة، فأخذ البلل من على ذراعه ومسح به، فإنه لا يكفي؛ ومن كان شعر رأسه طويلاً نازلاً على جبهته، أو عنقه، فمسح عليه. فإنه لا يجزئه، لأن الغرض هو أن يمسح نفس ربع الرأس، فإن كانت محلوقة. فالأمر ظاهر، وإن كان عليها شعر، فإنه يجب عليه أن يمسح على الشعر النابت في نفس الرأس، فلا بد أن يكون الشعر الممسوح نابتاً على جزء من رأسه، فإن كان بعض رأسه محلوقاً، وبعضها غير محلوق، فإنه يصح أن يمسح على الربع الذي يختاره، وإذا مسح على الشعر، ثم حلقه فإن وضوءه لا يبطل، وإذا أخذ قطعة من الثلج، فمسح بها رأسه، أجزأه، وإذا غسل رأسه مع وجهه، أجزأه عن المسح، ولكنه يكره، ولا يجوز المسح على العمامة ونحوهما إلا للمعذور، كما لا يصح أن تمسح المرأة على ما يغطي رأسها من – منديل، أو طرحة – أو نحو ذلك، إلا إذا كان خفيفاً، ينفذ منه الماء إلى الشعر، وإذا كان على رأسها خضاب – حناء، أو صبغ – فمسحت عليه، فإذا تلون الماء بلون الصبغ، وخرج عن حكم الماء المتقدم، فإنه لا يصح، وإلا جاز.

فهذه هي فرائض الوضوء عند الحنفية، وما عداها، فإنه سنة، وسيأتيك بيانه قريباً.

المالكية قالوا: فرائض الوضوء سبعة:

الفرض الأول: النية، ويتعلق بها مباحث: 1 – تعريفها وكيفيتها. 2 – زمنها، ومحلها. 3 – شروطها. 4 – مبطلاتها، فأما تعريفها، وكيفيتها، فهي قصد الفعل، وإرادته، فمن قصد فعل أمر من الأمور، فإنه يقال له: نوى ذلك الفعل، وكيفيتها في الوضوء هي أن يريد المحدث استباحة ما منعه الحدث الأصغر، أو يقصد أداء فرض الوضوء، أو يقصد رفع الحدث، وظاهر أن محل القصد إنما هو القلب، فمتى قصد الوضوء بكيفية من الكيفيات المذكورة، فقد نوة، ولا يشترط أن يتلفظ بلسانه، كما لا يشترط استحضار النية، إلى آخر الوضوء، فلو ذهل عنها في أثنائه، فإنها لا تبطل، وأما زمن النية فهو في أول الوضوء، فلو غسل بعض الأعضاء بدون نية، فإن وضوءه يبطل، ويغتفر تقدمها على الفعل بزمن يسير عرفاً، فلو جلس للوضوء ونواه، ثم جاء الخادم بافبريق، وصب على يديه، ولم ينو بعد ذلك، فإن وضوءه يصح، لأنه لم يفصل بين وضوئه، وبين النية فاصل كثير، وقد عرفت أن محلها القلب، وأما شروطها فهي ثلاثة: الإسلام؛ التمييز؛ الجزم، فإذا نوى غير المسلم فعل عبادة من العبادات، فإن نيته لا تصح، وكذا إذا نوى الصغير الذي لا يميز التكاليف الدينية، ولا يعرف معنى الإسلام، ومثله المجنون، أما الصبي المميز، فإن نيته تصح وكذا إذا تردد في النية، فإنها لا تصح فإذا قال في نفسه: نويت الوضوء إن كنت قد أحدثت، فإن نيته لا تصح، بل لا بد من الجزم بالنية؛ وأما ما يبطل النية، فهو أن يرفضها أثناء وضوئه بمعنى أنه ينوي إبطال الوضوء، وعدم الاعتداد به، أما إذا رفضها بعد تمام الوضوء، فإنه لا يضر، لأن الوضوء بعد تمامه يقع صحيحاً، فلا يبطله إلا ما ينقضه من النواقض الآتي بيانها.

الفرض الثاني: من فرائض الوضوء غسل الوجه، وحد الوجه طولاً وعرضاً، هو الحد الذي ذكره الحنفية، إلا أن المالكية قالوا: إن البياض الذي فوق وتدي الأذنين المتصل بالرأس من أعلى، لا يجب غسله، بل مسحه، لأنه من الرأس لا من الوجه، ومثله شعر الصدغين، فإنه من الرأس لا من الوجه، أما الحنفية فإنهم يقولون: إنه من الوجه، فغسله فرض لا بد منه.