الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص9
الخبث، وهو كل عين مستقذرة شرعاً)، على أنهم يخصون النجس
“بالفتح” بما كان نجساً لذاته، فلا يصح إطلاقه على ما كانت نجاسته
عارضة، وأما النجس “بالكسر” فإنه يطلق عندهم على ما كانت نجاسته
عارضة أو ذاتية، فالدم يقال له: نجس ونجس “بالفتح والكسر” والثوب
المتنجس يقال له: نجس “بالكسر” فقط.
أما الأعيان النجسة فكثيرة:
الشافعية قالوا: بنجاسة ميتة ما لا نفس له سائلة، إلا ميتة الجراد، ولكن
يعفى عنها إذا وقع شيء منها بنفسه في الماء أو المائع فإنه لا ينجسه إلا
إذا تغير، أما إذا طرحه إنسان أو حيوان أو تغير ما وقع فيه فإنه ينجس،
ولا يعفى عنه): منها ميتة الحيوان البِّري غير الآدمي، إذا كان له دمٌ
ذاتي يسيل عند جرحه، بخلاف ميتة الحيوان البحري، فإنها طاهرة لقوله
صلى اللّه عليه وسلم: “هو الطهور ماؤه الحلُّ ميتته”، وبخلاف ميتة
الآدمي، فإنها طاهرة كما تقدم وبخلاف ميتة الحيوان البرّي الذي ليس له
دم ذاتي يسيل عند جرحه، كالجراد، فإنها طاهرة.
ومنها أجزاء الميتة التي تحلها الحياة “وفي بيانها تفصيل المذاهب”
المالكية قالوا: إن أجزاء الميتة التي تحلها الحياة هي اللحم والجلد
والعظم والعصب ونحوها، بخلاف نحو الشعر والصوف والوبر وزغب
الريش، فإنها لا تحلها الحياة فليست بنجسة.
الشافعية قالوا: إن جميع أجزاء الميتة من عظم ولحم وجلد وشعر وريش
ووبر غير ذلك نجس، لأنها تحلها الحياة عندهم.
الحنفية قالوا إن لحم الميتة وجلدها مما تحله الحياة، فهما نجسان، بخلاف
نحو العظم والظفر والمنقار والمخلب والحافر والقرن والظلف والشعر،
إلا شعر الخنزير فإنها طاهرة لأنها لا تحلها الحياة، لقوله صلى اللّه عليه
وسلم في شاة ميمونة: “إنما حرم أكلها” وفي رواية “لحمها” فدل على أن
ما عدا اللحم لا يحرم، فدخلت الأجزاء المذكورة ما لم تكن بها دسومة،
فإنها تكون متنجسة بسبب هذه الدسومة، والعصب فيه روايتان: المشهور
أنه طاهر، وقال بعضهم: الأصح نجاسته.
الحنابلة قالوا إن جميع أجزاء الميتة تحلها الحياة فهي نجاسة إلا الصوف
والشعر والوبر والريش، فإنها طاهرة، واستدلوا على طهارتها بعموم
قوله تعالى: ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين
،
لأن ظاهرها يعم حالتي الحياة والموت، وقيس الريش على هذه الثلاثة)،
وكذا الخارج من نحو دم. ومخاط وبيض. ولبن وأنفحة، على تفصيل
الحنفية قالوا بطهارة ما خرج من الميتة من لبن وأنفحة وبيض رقيق
القشرة أو غليظها ونحو ذلك مما كان طاهراً حال الحياة.
الحنابلة قالوا: بنجاسة جميع الخارج منها، إلا البيض الخارج من ميتة ما
يؤكل إن تصلب قشره.
الشافعية قالوا: بنجاسة جميع الخارج منها إلا البيض إذا تصلب قشره،