پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص5

لصحة صلاة الشخص أن يكون بدنه موصوفاً بالطهارة، ولصحة الصلاة

في المكان أن يكون المكان موصوفاً بالطهارة، ولصحة الصلاة بالثوب

أن يكون موصوفاً بالطهارة، واشترط لِحَل أكل هذا الطعام أن يكون

الطعام موصوفاً بالطهارة، وهكذا.

فحقيقة الطهارة في ذاتها شيء واحد، وإنما تنقسم باعتبار ما تضاف إليه

من حدث أو خبث، أو باعتبار ما تكون صفة له، فتنقسم بالاعتبار الأول

إلى قسمين: طهارة من الخبث. وطهارة من الحدث، وذلك لأن الشارع

أوجب على المصلي أن يكون بدنه وثوبه طاهرين من الخبث، وأوجب

عليه أن يكون بدنه طاهراً من الحدث، فجعل الطهارة لازمة من هذين

الأمرين، فهي بهذا الاعتبار تنقسم إلى هذين القسمين، فأما الخبث فهو

العين المستقذرة شرعاً، كالدم والبول ونحوهما، مما يأتي بيانه، وقد

ذكرنا لك أن الخبث يصيب البدن والثوب والمكان، ثم إن الطهارة من

الخبث تنقسم بالاعتبار الثاني، وهو ما جعلت وصفاً له، إلى قسمين:

أصلية. وعارضة. فأما الأصلية فهي القائمة بالأشياء الطاهرة بأصل

خلقتها، كالماء والتراب والحديد والمعادن وغيرها مما يأتي في مبحث

الأعيان الطاهرة، فإن هذه الأشياء موصوفة بالطهارة بأصل خلقتها، وأما

الطهارة العارضة فهي النظافة من النجاسة التي أصابت هذه الأعيان،

وسميت عارضة، لأنها تعرض بسبب المطهرات المزيلات لحكم الخبث

من ماء وتراب وغيرهما، مما يأتي بيانه في مبحث إزالة النجاسة، وأما

الحدث فهو صفة اعتبارية أيضاً، وصف بها الشارع بدن الإنسان كله

عند الجنابة، أو بعض أعضاء البدن بسبب ناقض الوضوء من ريح وبول

ونحوهما، ويقال للأول: حدث أكبر، والطهارة منه تكون بالغسل، ويتبعه

الحيض والنفاس، فإن الشارع اعتبرهما صفة قائمة بجميع البدن تمنع من

الصلاة وغيرها مما يمنعه الحدث الأكبر قبل الغسل، ويقال للثاني: حدث

أصغر. والطهارة منه تكون بالوضوء. وينوب عن الغسل والوضوء

التيمم، عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعماله. فلنتكلم في كل ما

يتعلق بهذا على الترتيب الآتي:

4 مبحث الأعيان الطاهرة

قد عرفت من تقسم الطهارة أنها تنقسم إلى طهارة من الخَبث. وطهارة

من الحدث. وعرفت أن الخَبث عند الفقهاء هو العين النجسة فلنذكر لك

أمثلة من الأعيان النجسة. والأعيان الطاهرة التي تقابلها. ثم نذكر لك ما

يعفى عنه من النجاسة وكيفية تطهيرها. ولنبدأ بذكر الأعيان الطاهرة.

لأن الأصل في الأشياء الطهارة ما لم تثبت نجاستها بدليل. والأشياء

الطاهرة كثيرة: منها الإنسان سواء كان حياً أو ميتاً. كما قال تعالى:

ولقد كرَمنا بني آدم

. أما قوله تعالى: إنما المشركون نجس

فالمراد به

النجاسة المعنوية التي حكم بها الشارع، وليس المراد أن ذات المشرك

نجسه كنجاسة الخنزير. ومنها الجماد. وهو كل جسم لم تحله الحياة. ولم